د. أحمد الكويتي


تقاس قوة المجتمعات بما لديها من قيادات وبما تتمتع به هذه القيادات من مهارات تنهض بمجتمعاتها، وتأخذ بيدهم إلى أعلى مستويات الرفاهية والتقدم التقني والصناعي والاجتماعي، وتجعلهم متميزين عن غيرهم من المجتمعات، فتعلم مهارات القيادة الإيجابية تمثل عاملاً عاماً في تحصين المجتمع وتحقيق استقراره. وبمفهوم المخالفة نستطيع أن نقول إن المجتمعات التي لا تتوافر فيها القيادات الناجحة والمؤهلة تحتاج إلى فترة زمنية كبيرة لتصل إلى ما تريد وتتمنى تحقيقه. لذا، فإن من ضمن اهتمامات المملكة وما تتبناه رؤية «2030» المباركة، ولعل أهمها عقد الدورات التدريبية القيادية المختلفة في برنامج مستدام فعال من خلال مؤسسة مسك، والذي يعتبر أنموذج يحتذى به ليحقق هدفهم وهو أن يصبح المجتمع السعودي مجتمعاً لديه من الإمكانات التي تؤهله إلى تخريج جيل من القادة في العديد من المناصب، وفي كل مجال من المجالات المختلفة، والذي يحتاج إلى قيادات ترسم الخطط وتوجه الاستراتيجيات، وتضع الرؤية والرسالة والهدف، وتحدد الأولويات. وإذا نظرنا إلى القيادة وكيفية صناعتها لاتضح لنا أنها صناعة من أهم الصناعات التي ينبغي أن لا تترك إلى الاجتهاد الفردي، فقد تتوافر في إنسان يملك هذه الصفات، ولكن لا يستطيع أن ينميها ويطورها وهنا يأتي التدريب باعتباره الفرصة لتطوير ما لديه من إمكانيات، ويمنحه الأدوات ويصقل ما أودعه الله فيه من مواهب قيادية.
إن التدريب على صناعة القائد هو علم ومنهج ينمو بالدراسة والتدريب في حواضن التدريب المعتمدة، ويرتقي بالتوظيف والممارسة العملية التي تلقاها في أثناء فترة التدريب، ولن يتسنى هذا إلا بالتدريب الواعي والعمل الجاد في بناء مهارات وقدرات واستثمار أعز ما تملكه المجتمعات ألا وهو العقل البشري واستغلال إمكانياته وتوجيه التوجيه الصحيح، ويكاد يتفق الجميع على أن التدريب له دور كبير في صناعة القادة وتقديمهم إلى المجتمع بعد التدريب بسمات تجعلهم متميزين عن الآخرين ينجزون المهام الموكلة لهم بكل حرفية، وذلك لأنهم تسلحوا بالضروريات الأساسية التي تمكنهم من النجاح والتفوق. وأول ما ينبغي أن توجه إليهم الاهتمامات هم الشباب بناة المستقبل، وحاضر المجتمع، وقوته، وأسباب نهضته، فهم أكثر قدرة من غيرهم، وذلك لما يتمتعون به من حماس ومهارات بدنية تعينهم على ما تتطلبه القيادة من جهد بدني وحضور عقلي.
خلاصة القول، إن الانشغال بالتدريب على صناعة القادة هو انشغال بالمستقبل وإعداد أجيال متعاقبة لديها الأدوات، وتتسم بالوعي والنضوج الفكري والرؤية والقدرة على إنجاز المهام الموكلة إليهم؛ مما يعزز مسيرة التقدم والاستعداد للغد وما تحمله الأيام من صعوبات وتحديات.
@Ahmedkuwaiti