يمثل الفنان إبراهيم الزيكان مولود في عنيزة عام 1386 هجرية يوافق تقريبا 1966م، أحد النماذج الفنية الأصيلة التي ارتبطت بالمكان والبيئة المحلية «بيئته» في القصيم. يمتلك المهارة الفنية والاقتدار ومنذ بدأت مشاركاته الفنية في المعارض المحلية كانت أعماله ملفتة، ينشئها بكثير من الحرص على تجويد رسم وتلوين مكونات عمله والاهتمام بتفاصيله. ارتبط بالأرض والمكان ونوع في اختيارات مشهده، من الصحراء التي بعث جمالياتها الى المزرعة والحقل في نظارته وهو يمثل مكوناته من أشجار، ومكان الجلوس المبني بالطين أو من سعف النخيل، فأدوات الفلاحة وأدوات شعبية كانت مستخدمة في منطقته، وربما لم تزل. عرفت في معظم فناني القصيم اهتمامهم بالمكان، المكان الذي يعيشون فيه أو لم تزل آثاره باقية أو مكان أصبح في الذاكرة. ذاكرة الفنان أو الناس، فالبيت الطيني رسمه عدد منهم بكثير من العناية والمحاكاة والحرص على تفاصيله. الجدران ومكوناتها الأبواب والنوافذ والاسقف.
رسم فنانو القصيم مشاهداتهم للصحراء القريبة والمحيطة بمدنهم برمالها المحمرّة وشجيرات تتفرق بين أطرافها تتحمل لهيب وحرارة شمس الصيف ومزهرة في فصول أخرى من السنة، وبالتالي كان المجتمع المحيط يشجعهم على الأخذ بهذا التوجه وتوثيق أو تسجيل ما يمكن من المظاهر فكان الخروج عن ذلك بمثابة مقياس ضعف وبالتالي كان التنافس بين الفنانين واضحا في تناول فكرة جديدة أو ما لم يتناوله أو يطرقه آخرون، وكانت أعمال وأفكار الزيكان كذلك وهو يسعى إلى تناول أفكار ومواضيع جديدة لم يتم تناولها أو طرقها فنيا، وسواء اتخذت منحى تسجيليا استعاديا أو فكرة يغلب فيها الخيالي.
غلبت في أعمال الزيكان اجواء الحقول وقد عرفنا لوحته المزرعة التي التقطها بعين مبصرة وانتقاء زاوية الرسم معتنيا بكل الاجزاء. يهتم الفنان بتفاصيل عمله وهو يحاكي أي عنصر، كما ويسعى إلى معالجة لونية تحقق شخصيته الفنية. الأفكار التي يتناولها تسهم في تحقيق اختلاف العمل لا من حيث المحاكاة بقدر الاختيار والفنية والمهارة التي يحققها، فالتلوين لديه ليس فقط من أجل تحقيق المحاكاة؛ بقدر الفنية العالية التي تشكل نتيجة مثيرة. بعض أعماله يختار مواضيعها بعناية كلوحة أخيرة أنجزها العام الماضي 1445 ومنشورة في أحد مواقع التواصل.
مشهد العمل ليلي ويتناول سيارة «باص» من الأنواع القديمة وسط طريق رملي. في منظور اللوحة أضاءات خفيفة تنبعث من مباني بعيدة، الصورة ليلية إلا أن السماء مزرقة ومشرقة وتظهر فيها نجوم وكواكب وكأن الفنان يجمع في عمله أكثر من وقت أو كأنها ليلة مقمرة، أو انه أراد غرابة تمنح العمل سحره وجاذبيته. لا أعلم ما إذا كانت مشاهد الفنان وأعماله ذات مرجعية خاصة كان تكون صورا ملتقطة سابقا لآخرين أو من تصوير الفنان نفسه، أو انها صورا متخيلة أو مركبة. العمل الفني لإبراهيم الزيكان يبدو مثيرا ومختلفا. لذا، فأعماله قليلة، تُنجز بعناية فائقة وأناة، لا شك ان الفنان يمتلك إمكانات في قدرته على المحاكاة وتوثيق اللقطة وهو بالتالي من القلة الذين حافظوا على هذا التوجه منذ بداياته ومنذ عرفنا بعض أعماله الفنية التي قدمها في معارض محدودة ربما لا تتعدى منطقته، أو مدينة الرياض، كما نُشر بعضها في مواقع التواصل.
aalsoliman@hotmail.com