عاد سعر الذهب للارتفاع بعد انخفاض مفاجئ على إثر ارتفاع الدولار الأمريكي، ولم يهنأ المشترون والمحبون والمستثمرون لهذا المعدن الثمين بمدة انخفاض كافية تجعلهم يتأملون في انخفاض أكبر، فقد داهمتهم السياسة واحداث النزاعات والحروب لتؤثر على السوق العالمية ويعاود الارتفاع، ليبقى الاستثمار الآمن بلا منازع في عالم تحيطه الأزمات وعدم الاستقرار.
صار كل شيء في الاقتصاد يمكن توقعه أو فهمه رغم الضبابية حتى في التنبؤات ومفاجئات الأسواق، إلا أسعار الذهب المتأرجحة لا يمكن التنبؤ بها على الاطلاق، وذلك في ظل الاحداث السياسية والأمنية المتلاحقة في العالم، ومخاوف المستثمرين التي تسيطر على سوق الذهب.
لذا، فإن من التغيرات المقلقة، هي هذه الهشاشة لدى المستثمرين واللاعبين في الأسواق الذين ليس لديهم أي ثقة في السياسة ورجالها والسوق ويبدو أنهم ليسوا متفائلين. لذا، فإنهم على أهب الاستعداد للبيع والشراء بدون مهلة للتفكير، وهم بذلك من يسيطر على سوق الذهب العالمي.
ولأن الكثير المستثمرين الشباب يعتبرون الملياردير والمستثمر الأمريكي وارن بافيت قدوتهم، فإنهم على ما يبدو يحفظون دروسه وأقواله ويطبقونها على أرض الواقع، فهو صاحب المقولة «كن جشعًا عندما يكون الآخرون خائفين، وكن خائفًا عندما يكون الآخرون جشعين»، فهذا ما يحدث في البورصات كلها، يعم الخوف جميع المضاربين لأنهم لا يمكنهم تحمل خسائر حتى لو كانت طفيفة، ولا ألومهم، فبعض الأزمات التي مر بها العالم كانت اضطرارية وغير متوقعة وكبيرة وهي التي غيرت تقويم صفات المضاربين والمستثمرين من التقليدي إلى المضطرب.
ويبدو أن أبناء الأجيال الأقدم، وهم المتحكمين في الأسواق اليوم، يتعلمون الدرس من آباءهم غير المبالين أو الاتكاليين أو الذين فوتوا عليهم الفرص دون تفكير وفهم لما سيكون، فبخلاف سوق الذهب حتى في العقارات والتجارة هناك فرص حقيقية للأجيال القديمة لم تسعفها طموحها لاقتناصها، في حين ومع الوعي السائد اليوم وتدفق المعلومات والأخبار، والفهم والتحفيز واختلاف الأساليب الكلاسيكية في عمليات العرض والطلب في كافة الأسواق، بات الجميع لديه فرصة للاستثمار والمغامرة، ولكن البعض يكون جشع حين يحصد نجاحه الأول، إلى أن توقفه خسارة لا يتحملها فترجفه، ويفقد الثقة.
ومع أن الأوضاع الاقتصادية المستقرة على الرغم من الضبابية وانخفاض النمو، وأزمات السياسة ونشاط الأسواق المحلية والإقليمية التي شجعت على أن يخوض المستثمرون مغامراتهم الاستثمارية، لم تشفع لهم، من تمكنهم لدخول السوق، وتحقيقهم للمكاسب، فكان الجشع سمة تتزايد مع الوقت لهذا الجيل من المستثمرين، مما يحول الأسواق أيضاً من تقليدية الى مضطربة.
فالكثير من الدراسات حول العالم تشير إلى أن الشباب الأصغر سناً، هم الأكثر تخوفا من الاستثمار وحتى الادخار، ولكنهم حين يدخلون في المضاربات، تبقيهم مخاوفهم قيد المعاملة، التي تكون متذبذبة بين صعود ونزول، بين بيع وشراء من غير مبالاة.
إن هذا الاضطراب وانعدام الثقة يؤثر كثيرا في أسعار الأسهم والمضاربات والقيمة السوقية، وبالتالي الاستقرار المالي وانحسار قيمة المساهمين، ولأننا اليوم تحت قبة اقتصاد عالمي فهو يؤثر حتى في الأسواق العالمية والمحلية، ويكون المتضررون هم العاملين والمتعاملين في هذا السوق، وأولهم التاجر نفسه إن كان في سوق الذهب أو صاحب الشركة بسوق البورصة.
@hana_maki00