في إحدى القرى الصغيرة، كانت هناك حديقة جميلة تجذب الأنظار بجمال أزهارها ونقاء هوائها، لكن مع مرور الوقت، بدأ سكان القرية يتجاهلون مسؤولياتهم، فكانوا يلقون النفايات هنا وهناك دون أدنى اعتبار. شيئًا فشيئًا، تحولت الحديقة إلى مكان مهجور مملوء بالنفايات، وأصبح الأطفال يبتعدون عنها، تهجرها، هكذا، كان الإهمال بداية انهيار شيء جميل، ليس فقط في الحديقة، بل في قلوب سكان القرية الذين اعتادوا العيش بلا اهتمام أو مبالاة.
اللام سؤولية ليست مجرد تقصير في أداء الواجبات، بل هي عامل رئيس في انهيار الفرد والمجتمع. عندما يغيب الشعور بالمسؤولية، تنتشر الفوضى وتقل الإنتاجية، ويضعف التماسك بين أفراد المجتمع ،كما أن الأفراد الذين لا يهتمون بأداء واجباتهم، سواء تجاه أنفسهم أو تجاه المجتمع، يساهمون بشكل مباشر في تداعي المؤسسات والأخلاقيات العامة.
على الجانب الآخر، نجد في رواندا مثالًا يُحتذى به في الاهتمام بالمسؤولية الفردية، فبعد الإبادة الجماعية التي عانت منها في التسعينيات، انتهج الشعب أنموذجًا حضاريا جديدًا يُعزز قيم المسؤولية. فأصبح يوم السبت من كل شهر يُعرف باسم “أوموجاندا”، وهو يوم يُخصص لتنظيف الأماكن العامة وإصلاح المرافق، يشارك في هذه المبادرة كافة شرائح المجتمع، من الأطفال إلى الكبار دون استثناء.
بحسب إحصائيات حكومية، تمكنت رواندا من أن تصبح واحدة من أنظف الدول في افريقيا، حيث انخفضت معدلات النفايات في الأماكن العامة بنسبة 80% في العقد الماضي، كما تشير تقارير الأمم المتحدة لعام 2023 إلى أن معدل إعادة التدوير في رواندا ارتفع إلى 70%، مقارنةً بـ10% فقط في الدول المجاورة، وفي دراسة أجراها البنك الدولي، أظهرت أن هذه الممارسات ساهمت في زيادة الإنتاجية الوطنية بنسبة 15% سنويًا نتيجة لتحسن البيئة العامة وتعزيز التعاون المجتمعي.
المسؤولية هي أساس التطور، بينما اللا مسؤولية هي البَذْرَة التي تنبت منها الفوضى والانهيار، فإذا أردنا التقدم والازدهار، فعلينا أن نتبنى تفعيل المسؤولية الفردية لتكون مبدأ للحياة.
قال الشاعر:
إن الغراسَ إذا ما أُهمِلَ انقطعَتْ
جذورُهُ، وتهدُّ الساقَ أهواءُ
فَكُنْ أميناً ولا تُهملْ صغيرتَها
فإنّ في الزهرِ تدنو منك أضواءُ”
@azmani21