أنيسة الشريف مكي


أذية الناس ليس لها مبرر، فلماذا يعمد البعض إلى التلذذ بأذية غيره؟! فإن كان ذلك لجهل وأنا لا أعتقد ذلك لأن الإنسان بطبعة يرفض أذية الغير له فكيف يرضاها لغيره؟! إلاّ إذا كان فاقد الإنسانية عديم الضمير.
تحدث هذه الأذية من البعض وتسبب للغير التوتر والاكتئاب، الكلمة الجارحة بالرغم من صغرها إلاّ أنها تترك أثراً بالغاً في النفس، فهي كحد السيف الذي يصل لعمق أعماق نفسية الإنسان فيجرحه، وقد يسبب جرحاً عميقاً لا يندمل لا حول ولا قوة إلاّ بالله.
المؤلم أن تأثير هذه الكلمة يستقر في العقل الباطن خاصة بالنسبة للصغير فيشعره بالألم النفسي وعدم الثقة بالنفس نتيجة الألم الذي يتغلغل في أعماق القلب ويحدث شروخاً في النفس وخدوشًا من الصعب ازالتها، والمؤلم أكثر أن ردود أفعالها كثيرة ومدمرة تؤثر فيه وتشعره بأنه لن ينجح أبداً في أي شيء في حياته - لا قدر الله -.
والخوف الأكبر من الاغتيال المعنويّ للشخص الذي أُسيء إليه حيث يصبح في حالة اكتئابٍ دائم وضيقٍ شديد.
لماذا الكلام الجارح والله يقول سبحانه: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ».
لنتذكّر، قد يجرحنا كلام البعض، لكن لنتذكر أيضا أنّ الصواعق لا تضرب إلّا القمم. بالرغم من أن الكلمة الجارحة كطرق مسمار في خشبة، والاعتذار كنزعنا ذلك المسمار من الخشبة، لكن لنتذكر أيضاً، «هل تزول تلك الحفرة التي أحدثها المسمار؟!».
أتساءل لماذا لا يكون أصحاب الكلمة الخبيثة كالواعين من الناس، كلامهم طيب نتمنى لو أن الحديث معهم لا ينتهي ونتمنى وجودهم دائماً معنا.
والمؤكد والواقع الملموس أن أثر الكلمة الخبيثة ليس على الفرد، بل على المجتمع كله وبالفعل كم من كلمةٍ أحيت مجتمعًا وأيقظته؟ وكم من كلمةٍ دمّرت مجتمعًا وفتكت به.
ينكسر الزجاج فينتهي الصوت بسرعة وتبقى قطع الزجاج تجرح من يلمسها، كذلك الكلام الجارح ينتهي ويبقى القلب يتألم طويلاً.
أتمنى على من يسبقه كلامه على تفكيره أن يتذكر أن الماء يغسل كل شيء تقريباً إلاّ اللسان السيء.
وكما قيل «اللسان الذي طوله ثلاث عقد، قد يقتل رجلاً طوله ستة أقدام»، ولن يستطيع العلم الحديث اختراع مهدئ للأعصاب أفضل من الكلمة اللطيفة التي تقال في اللحظة المناسبة، والكلمة الخبيثة اسمها يدل عليها فهي من الصفات العدوانية عند الناس الذين يتصفون بضعف النفوس وغرورها ويُسيطر الشر عليهم.
أما الثَرثَرة المُفرِطة فمُصطلح في علم النفس اضطراب تواصل نفسي وعرض لمرض نفسي يؤذي الناس.
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».. عليك أفضل الصلاة والسلام يا رسول الله.
Aneesa_makki@