الأسد في الرياض غداً لتنسيق القضايا العربية المشتركة
عبـرت العـلاقات السعوديـة السوريـة جسر الاختـلاف فـي وجهـات النظـر حول القضـايا العربية والإقليميـة الى بر الأمـان وعـادت الى الوضـع الطبيعـي من الاتفاق والتفاهم حول تلك القضايا ، وشهـدت عـاصمـتا البلـدين تبادل زيارات مكثفــة خـلال الأيـام القـليلـة الـماضيـة لـعدد مـن الـمسـؤولـين الأمنيين والسياسيين بما يعكس رغبة صادقة لتجاوز ما يعكر صفو علاقات البلدين الشقيقين اللذين يمتلكان حضورا سياسيا مؤثرا في المشهد العربي والإقليمي واتفاقهما يعتبر قوة حقيقية للمواقف العربية ودعما لأي جهود للتسويات ومعالجة الأزمات ، ولذلك لم تستمر حالة الاختلاف طويلا وعبرت كسحابة صيف في سماء العلاقات بين الشقيقين الكبيرين .وقد لعب وزيرا الخارجية في البلدين دورا مهما في تأكيد عودة العلاقات الى مسارها الطبيعي بدعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد ، وأكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال زيارته للمملكة أواخر فبراير الماضي سعي الدولتين لدفن خلافاتهما ، وذلك في إطار جهود مكثفة لإصلاح العلاقات بينهما بعد دعوة الملك عبد الله لمصالحة عربية في قمة الكويت الاقتصادية. جهود رأب الصدعويأتي إصلاح الخلافات تمهيدا لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد للرياض التي تأتي قبل القمة العربية في قطر أواخر مارس الجاري ، وكانت جهود رأب الصدع بين البلدين قد بدأت بالزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة لسوريا في 15 فبراير الماضي، حيث حمل رسالة من خادم الحرمين الشريفين شددت على أهمية التنسيق والتشاور بين الجانبين، لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والشعوب العربية.ثم تلا ذلك زيارة وليد المعلم للرياض التي وصفها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في تصريح صحفي بأنها كانت «ايجابية جدا» ، وحينها أكد سموه بأنه ستكون هناك زيارات أخرى بين سورية والسعودية، وأعرب عن أمله في مصالحة بين سورية والسعودية على أسس سليمة. وقال سموه «إن الخلافات العربية أصبحت وراءنا، دفنت. لن نتحدث بعد اليوم عن الماضي بل عن المستقبل».وبعدها في الرابع من مارس الجاري و بعد أقل من عشرة أيام من زيارة الوزير السوري وليد المعلم الى الرياض قام سمو الأمير سعود الفيصل بزيارة الى دمشق في أول زيارة الى العاصمة السورية منذ ثلاث سنوات في إطار تعزيز جهود المصالحة بين الجانبين حاملا رسالة الى الرئيس بشار الأسد من الملك عبد الله بن عبد العزيز ودعوه للرئيس بشار الأسد لزيارة المملكة، وذلك بعد اجتماع ثلاثي جمعه في القاهرة مع نظيريه المصري والسوري أحمد أبو الغيط ووليد المعلم، على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب. وكان اللقاء بين الأسد والفيصل بناء وايجابيا، حيث بحثا في الوضع العربي والتحديات التي تواجه الأمة في مختلف بلدانها وخصوصا في ضوء الانقسامات التي شهدتها الساحة العربية في الفترة الأخيرة.لصالح الأمة العربيةوفي الواقع لم يكن للعلاقات السعودية السورية أن تصل حد الجفوة أو القطيعة لأن القواسم المشتركة بين البلدين تحول دون ذلك أيا كان حجم الاختلاف في وجهات النظر ، فالصلات تبقى قائمة بينهما في ظل حرص القيادتين على البقاء في أفضل الأحوال الممكنة في أسوأ الظروف ، ويؤكد ذلك السعي المتواصل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على إشاعة أجواء المصالحة العربية في أي مناسبات تجمع القادة على نحو ما جرى في القمة الاقتصادية الخيرة بالكويت حيث بادر الى الالتقاء بين الأطراف العربية المختلفة في وجهات نظرها لمعالجة المشكلات القائمة التي تعصف بالعالم العربي . ونظرا لما للبلدين الشقيقين من وزن عربي وإقليمي كبير فإنهما اكبر من أن يصلا الى مفترق طرق في طرق وأساليب معالجتهما للأمور ، فهناك ثوابت قوية يقف كلا البلدين عليها ويحرصان عليها مهما عظمت الخلافات وفقا للقول العربي المأثور» اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية « وما حدث من فتور طارئ على علاقات البلدين هو سحابة صيف عبرت مع الريح ليعود البلدان الى سابق عهدهما من الاتفاق والعمل المشترك لما فيه صالح وخير الأمة العربية التي يحرص كلاهما على استقرارها وسلامها بصدق ورغبة أكيدة.وزيارة فخامة الرئيس بشار الأسد للمملكة تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تأكيد على دفن الخلافات واستئناف المشاورات والعمل المشترك بينهما من أجل تحقيق أهداف الأمة من خلال دولتين لديهما من الثقل السياسي والدبلوماسي ما يؤهلهما للعب أدوار تتطلبها المرحلة العربية الراهنة التي ترزح تحت أثقال هائلة من الأزمات والمشكلات ومن الضروري أن يتكاتف الشقيقان ويعملان سويا لمعالجتها . أكبر من الخلاف في الرأي تطور العلاقات السعودية السورية في المسار الصحيح بعد الفتور الأخير الذي لا يرقى الى مستوى الخلاف بين البلدين الشقيقين ، ذلك ما أكده السفير السوري لدى المملكة الدكتور أحمد نظام الدين الذي قال في تصريح لـ ( اليوم ) : في الحقيقة ليست هناك خلافات أكيدة بين البلدين وإنما هي اختلافات عابرة في الرأي ، وهي مسألة طبيعية بين الدول ، وزيارة فخامة الرئيس بشار الأسد للمملكة تأكيد على عمق الصلات الأخوية بين البلدين ودفعها للأمام ، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هو رجل المصالحات والشقيق لكل الدول العربية الذي يحرص دوما على صالح الأمة جميعا كحرصه على صالح بلده ، والآن تتجه علاقات البلدين الى مزيد من التنسيق والتشاور حول القضايا كافة بعقول مفتوحة تؤكد على المعالجات الحاسمة للقضايا والملفات العربية الى جانب تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين فما بينهما أكبر من أن يقف عند محطة الخلاف في الرأي كثيرا ، وسيكون لهذه الزيارة ما بعدها في الانتقال بعلاقات البلدين الى مستويات متقدمة من الطموح في جميع المسارات الاقتصادية والسياسية وغيرها من المجالات الأخرى التي تجمع بين الشعبين الشقيقين .توجهات صادقة للقيادتينومن جانبه أكد القائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين بسوريا فالح الرحيلي أن زيارة فخامة الرئيس بشار الأسد للمملكة تعكس رغبة قيادة البلدين في تجاوز الخلافات العابرة بينهما واستئنافها بصورة أقوى تثمر في تحقيق مصالحة عربية شاملة تستفيد منها امتنا في تجاوز أزماتها برؤى مشتركة ورأي موحد وكلمة واحدة ، فالمملكة وسوريا بلدان شقيقان لهما رصيد متميز من العلاقات مع جميع الأطراف العربية والإقليمية ويمكنهما سويا ومع بقية الأشقاء العرب تحقيق الكثير من المنجزات السياسية والاقتصادية التي تصب في مصلحة الشعوب العربية ، وهناك بالفعل توجهات صادقة وحكيمة لقيادتي البلدين في استئناف علاقة قوية كسابق عهدها بين البلدين تكون نموذجا للعلاقات العربية القوية التي تحكمها تفاهمات وتنسيق مشترك نطمح اليه جميعا لأن ذلك يعود بالفائدة والخير للجميع على المديين القصير والطويل .