عبدالله الغنام


إن افتتاح مشروع مترو الرياض العملاق هو نقل نوعية في تطور الموصلات والنقل العام في المملكة. والواقع أن شبكة القطارات السريعة هي من المشاريع المهمة والضرورية للتنقل داخل المدن، وربطها ومناطق المملكة مع بعضها البعض، لتساهم في تيسير حركة النقل للركاب والبضائع، وزيادة الكفاءة في استخدام الطاقة، وخفض الانبعاثات الكربونية، ورفع جودة الحياة، وتخفيف زحام الطرق، وهي أيضا أكثر أمنا وسلامة.
إن زحام المركبات والشاحنات التي بدأ مؤخرا يتفاقم في المدن والمناطق والطرق الرئيسية للمنطقة الشرقية مثل: الدمام والخبر والجبيل والأحساء يذكرني ببداية زحام الرياض في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
ولعله من البديهي أنه لا مقارنة حاليا ما بين زحام الرياض وزحام مدن المنطقة الشرقية، ولكن في المستقبل القريب ستكون كمثلها، فهي تسير على نفس النهج من التوسع والتنمية. وأنه من المؤمل والمستهدف أن أزمة زحام الرياض ستحل تدريجيا مع بداية افتتاح المشروع العملاق «مترو الرياض». والذي يعد من أكبر المشاريع من نوعه في العالم، وسيساهم في تقليل عدد المركبات في الطرق بشكل كبير، وسيخفض الانبعاثات الكربونية، وسيساهم في رفع جودة الحياة، وسيوفر راحة الموطنين والمقيمين والسائحين.
وبمناسبة افتتاح مترو الرياض، أعتقد أن المنطقة الشرقية بحاجة أيضا إلى مثل هذه المشاريع المهمة والعملاقة، حيث أن المنطقة تعتبر رائدة في مجال الطاقة والصناعات البترولية لوجود شركات كبرى وعالمية، وكذلك العديد من المؤسسات والشركات مساندة لها. وهذا يعني تسهيل عملية حركة الموظفين والعمال والمواطنين، والبضائع والخدمات اللوجستية.
وهذه المشاريع العملاقة الرابطة بين المدن وداخلها تحتاج إلى وقت طويل من بداية دراسة الجدوى إلى مرحلة التنفيذ والتشغيل، ولذلك البداية المبكرة والتخطيط المسبق لها هو عين الحكمة قبل أن تبدأ المدن بالزحام الشديد، ثم يصعب بعد ذلك التنفيذ، وربما ستزداد التكلفة.
وبناءً على ما سبق، اقترح أن يكون هناك شبكة ربط من القطارات والمترو بين المدن والمناطق الرئيسية في الشرقية، وثم الربط لباقي مناطق المملكة ليتكمل العقد الفريد بشبكة نقل عامة وشاملة.
ومن المقترح أن ينفذ المشروع شركة عالمية أجنبية كبرى متخصصة في هذا المجال مع عقد طويل الأمد من «20 أو 30 سنة» ليكون دراسة الجدوى، والتصميم والتنفيذ، والتشغيل والصيانة على تلكم الشركات بحيث لا تتحمل الدولة أي أعباء مالية، وبالتعاون مع شركات محلية من أجل تبادل الخبرات والاستفادة المشتركة.
واقترح أيضا أن تكون الشركات المنفذة والمشغلة الأجنبية من الصين، حيث أننا بدأنا بالتعاون معهم في مجالات مختلفة، وكذلك بدأنا في تدريس اللغة وتعلمها. بالإضافة يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع الزحام «بلادهم كلها زحمة في زحمة» ولديهم جودة العمل مع قلة التكلفة. وكذلك هو تنشيط للتبادل التجاري وقطاع الأعمال بين البلدين. يضاف إلى ذلك، إن التعامل مع الغرب والشرق على حد سواء في المشاريع الكبرى يوفر لنا فرص أكثر وتوازن. وكما يقول المثل: لا تضع كل البيض في سلة واحدة.
ومن الفوائد لهذه المشاريع العملاقة خلق فرص وظائف وعمل بالآلاف للشباب، وتوفير في استهلاك الوقود بخفض عدد المركبات في الطرق، وخفض نسبة الحوادث، وتخفيف الزحام على الطرق الرئيسية، وتقليل الضوضاء، وسهولة تنقل الموظفين من وإلى أعمالهم، وتخفيض نسب تلوث الهواء والانبعاثات الكربونية، وبالإضافة استهلاك الطاقة بكفاءة عالية.
ولعلي أؤكد على أهمية أن نبدأ من الآن، لأن المستقبل يبدأ اليوم، حيث أننا نعيش نهضة وتنمية كبيرة في العديد من القطاعات والمجالات، ليكون من ضمن مستهدفات الرؤية 2030، وداعما لخطط استضافة كأس العالم 2034، وقفزة نوعية في مجال النقل والخدمات اللوجستية، ورافعا لمستوى جودة الحياة.
@abdullaghannam