د. عبدالوهاب القحطاني


تأسست منظمة التجارة العالمية في نهاية ديسمبر 1994 وكان ضمن أهدافها وضع إطار للتجارة العالمية بين الدول الأعضاء وتطوير التكامل الاقتصادي والتكتلات التجارية الإقليمية.
أتذكر قبل حوالي عقدين ما قام به الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في عام 2002 خلال إدارته عندما تدخل لحماية شركات الحديد والصلب الأمريكية بفرض ضريبة على الشركات الأجنبية التي تصدر الحديد ومنتجات أخرى الى السوق الامريكية، هذا التدخل الواضح جعل الشركات الأوروبية وغيرها من الشركات الآسيوية تتقدم بشكوى لمنظمة التجارة العالمية التي تواصلت مع وزارة التجارة الأمريكية ما جعل الرئيس بوش يصرح بأن ما قام به تصرف مؤقت لمساعدة الشركات الامريكية للمنافسة، علماً انها لا تستطيع المنافسة لأسباب عديدة منها أنها بمعدات وتقنية قديمة بجودة متدنية وتكلفة عالية، إن لجوء الحكومة الأمريكية إلى الحمائية والإجراءات غير القانونية ألحق الضرر بالشركات في الدول النامية والناشئة في تلك الفترة الزمنية الماضية، تطالب منظمة التجارة العالمية بالعدالة في الإجراءات وحرية النفاذ إلى أسواق الدول الأعضاء في المنظمة.
ضمن أهداف المنظمة دعم الدول النامية والناشئة فنياً ونظامياً للتغلب على الصعوبات التي توجهها، وذلك من خلال سياسات وبرامج مصممة لتعزيز دورها في النظام التجاري العالمي، لكنها تواجه تحديات في تحقيق توازن بين مصالح هذه الدول والدول المتقدمة، فعلى سبيل المثال، واجهت موانئ دبي الرفض من الأمن القومي الأمريكي في عقد تدير بموجبه موانئ دبي بعض الموانئ الأمريكية وكان المبرر حماية الأمن القومي الأمريكي من ثغرات إرهابية محتملة، هذا المبرر غير واقعي لأن السبب الحقيقي يكمن في حماية الشركات الأمريكية من المنافسة القادمة من دولة نامية مثل الامارات التي تنازلت عن العقد سلمياً.
تقدم المنظمة برامج تدريبية ودعم فني للدول النامية والناشئة في مجالات تجارية، بهدف تعزيز قدراتها في المشاركة في المفاوضات التجارية الدولية والفهم الصحيح والدقيق للاتفاقيات التجارية، هذا الدعم يساعد الدول النامية والناشئة في تحسين سياساتها التجارية وتطوير قدراتها التنافسية، تتمتع الدول النامية والناشئة بمعاملة تفضيلية خاصة ضمن اتفاقيات المنظمة، وذلك من خلال منحها فترات انتقالية أطول لتنفيذ الالتزامات التجارية، وتخفيف بعض القواعد التي قد تكون عبئًا كبيرًا على اقتصادات تلك الدول، هذه المعاملة التفضيلية تهدف إلى تمكين هذه الدول من الانضمام إلى النظام العالمي التجاري بأقل الضغوط ليسهل تنفيذها.
كما تشجع المنظمة الدول المتقدمة لمنح الدول النامية والناشئة نفاذاُ أفضل إلى أسواقها من خلال تخفيض الرسوم الجمركية وتخفيف الحواجز غير الجمركية مثل الاجراءات، تدعم المنظمة المبادرات مثل «برنامج المعاملة التفضيلية» الذي يمنح صادرات الدول النامية إلى أسواق الدول المتقدمة بشروط ميسرة. تعزز المنظمة قدرات الدول النامية في التجارة الزراعية لكونها من المجالات الحيوية للدول النامية والناشئة، لكن لا تزال الدول المتقدمة مستمرة في فرض دعم كبير لصادراتها الزراعية ما يلحق الضرر بمصالح الدول النامية والناشئة، لذلك تسعى المنظمة لتعديل هذه السياسات، لكنها تواجه صعوبة في تحقيق توازن بين مصالح الدول المتقدمة والنامية والناشئة في هذا المجال الحيوي المهم.
تواجه المنظمة تحديات في إيجاد حلول للخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين منذ فترة طويلة بعد أن كانت المشكلة بينها وبين اليابان شائكة في قطاع السيارات والتكنولوجيا المتقدمة، وتسعى المنظمة الى تقديم مبادرات خاصة للدول الأقل نمواً.
الخلاصة تشعر الدول النامية والناشئة بأن الفوائد لا تزال غير متكافئة رغم هذه الجهود من قبل المنظمة، بل أن القواعد التجارية تميل لصالح الدول الصناعية المتقدمة.
@dr_abdulwahhab