اليوم: نورهان محمود

في حين تكافح دول العالم ــ كل الاقتصادات الكبرى ــ لتسجيل معدل نمو إيجابي ناهيك عن التوسع المستمر، تعيش الولايات المتحدة في خضم طفرة مالية مع تدفق الأموال إلى سوق الأوراق المالية والنظام المالي مقارنة ببقية بقية العالم، وفق ما ذكرت موقع وورلد سوشياليست ويب سايت.

الاقتصاد الأمريكي والذكاء الاصطناعي

تسارعت هذه الظاهرة وزادت بشكل ملحوظ منذ بداية الوباء بسبب الزخم المالي المحيط بتطوير الذكاء الاصطناعي والذي انعكس في صعود شركة الذكاء الاصطناعي "إنفيديا" من شركة ثانوية بين أسهم التكنولوجيا إلى ثاني أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية.
لماذا يستبعد المحللون تراجع الدولار رغم خفض الفائدة المتوقع؟

انتخاب ترامب وتأثيره على الاقتصاد

تفاقمت هذه الظاهرة مع انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ووضعه لأثرياء في موقع السيطرة على مجالات رئيسية من إدارته والتزامه بخفض الضرائب على الشركات وإلغاء ما تبقى من القواعد التنظيمية المالية تقريبصا.

الركود المتزايد في الاقتصاد العالمي

قال خبراء إن تفصيل كثير من المؤشرات تشير إلى حالة من الركود ففي ألمانيا التي ثالث أكبر اقتصاد في العالم والتي كانت ذات يوم القوة الدافعة لأوروبا يمكن القول إنها تشهد في قطاع التصنيع الذي يعد العمود الفقري لاقتصادها موجة من عمليات التسريح وهو ما يقول إنه قد لا يكون ركوداً ظرفياً بل حالة أطول من الركود والتهاوي.

حالة ألمانيا (ثالث اقتصاد دولي)

في نوفمبر، نقلت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية تصريحات أدلى بها روبن وينكلر كبير خبراء الاقتصاد في "دويتشه بنك" قال فيها أن انخفاض الإنتاج الصناعي يعد "الانحدار الأكثر وضوحا" في تاريخ ألمانيا بعد الحرب.
الأسهم الأمريكية في 2025.. رياح اقتصادية عكسية وتوقعات أقل قوة
في سبتمبر الماضي، حذر سيجفريد روسورم رئيس اتحاد الصناعة الألماني من أن "نموذج الأعمال في ألمانيا في خطر شديد ــ ليس في وقت ما في المستقبل، بل في الوقت الجاري حيث إن خمس الإنتاج الصناعي في ألمانيا قد يختفي بحلول عام 2030.

تعثر قطاع التصنيع الألماني

وجذبت عمليات التسريح الجماعي في صناعة الصلب والسيارات ــ التهديد بإغلاق ثلاثة مصانع لشركة فولكس فاجن ــ اهتماما دوليا.
ولكن الأزمة لا تتوقف عند هذا الحد فقد انخفض إنتاج المواد الكيميائية الذي كانت ألمانيا رائدة عالمية فيها بنسبة 18% عن مستوياتها في عام 2018.
وفي الأسبوع الماضي، خفض البنك المركزي الألماني توقعاته للنمو في عام 2025 من 1% إلى ما يقرب من الصفر وحذر من أن حرب الرسوم الجمركية الأمريكية قد تدفعه إلى الركود.
وقال البنك المركزي إنه وفقا للافتراضات الحالية، فإن ألمانيا ستنمو بنسبة 0.1% فقط العام المقبل ولكن إذا نفذ ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع الأوروبية و60% على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة فإن الناتج المحلي الإجمالي الألماني قد ينخفض بنسبة 0.6 %.

تهديدات محيطة باقتصاد الصين

تظهر أحدث البيانات الصادرة عن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والمصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي العالمي منذ الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009 أنها تكافح من أجل الوصول إلى هدفها الرسمي للنمو البالغ "حوالي 5٪" هذا العام - وهو الأدنى في أكثر من ثلاثة عقود - وقد ينخفض النمو إلى مستويات أقل في العام المقبل وهو ما يقول إن أجراس الإنذار تدق في بكين وتزداد قوة.
اليابان تبتعد عن النمو
كانت اليابان بعيدة كل البعد عن الصورة كمركز للنمو العالمي لعقود من الزمان، وكانت تكافح ضد الضغوط الانكماشية المستمرة حيث لم يتجاوز معدل نموها 1% أو 2% في أفضل الأحوال.
وقد تجلى تراجعها في وقت سابق من هذا العام عندما فقدت مكانتها كثالث أكبر اقتصاد في العالم لصالح ألمانيا وهبطت إلى المركز الرابع.

تقدم الاقتصاد الأمريكي

وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن الاقتصاد الأمريكي يتقدم بسرعة كبيرة مع تدفق الأموال إلى أسواقه المالية ورغم أن المشاعر السائدة تشير إلى أن الولايات المتحدة سوف تواصل التقدم بقوة فإن التحذيرات تتعالى.
وعبر صحيفة "فاينانشيال تايمز" قال روتشير شارما رئيس مؤسسة "روكفلر" الدولية أن المستثمرين العالميين "يستثمرون في بلد واحد بقدر أعظم من رأس المال أكثر من أي وقت مضى" ونتيجة لهذا أصبحت الولايات المتحدة "تمثل ما يقرب من 70% من مؤشر سوق الأسهم العالمية ارتفاعاً من 30% في ثمانينيات القرن العشرين" في حقيقة مفادها أن حصة الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي تبلغ 27%.
تتمتع أمريكا بقوة جذب في أسواق الدين العالمية فحتى في عام 2024 ضخ الأجانب رؤوس أموالهم في الديون الأمريكية بمعدل سنوي قدره تريليون دولار".