شمائل العبود


نعيش اليوم في عصر أحد أهم مقومات نهضته هو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، هذا الوعي بأهمية تبنيه في شتى مناحي الحياة يأتي كضرورة ملحة لا كخيار متاح أمام الأفراد والمؤسسات على حد سواء، فهو إلى جانب جعلك مواكبًا لتطورات العصر يضفي على عملك وإنتاجيتك سرعة وكفاءة أكبر مما كانت عليه في السابق، فهو يمتلك أدوات متقدمة وتقنيات مبتكرة تسهم في تطوير مختلف الصناعات والمجالات لا سيما الإعلام.
وتؤكد التجارب الحالية نجاح توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصحافة، الإذاعة، والتلفزيون، فنجد مثلًا وكالة الأنباء «AP» أسوشيتدبرس تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج تقارير صحفية بشكل آلي، وفي المقابل نجد أيضًا منصات كـ «Netflix» تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات بناء على سلوكيات المستخدمين، وفي ذات الإطار تؤكد التجارب أيضًا نجاح وفعالية تقنيات الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام الرقمي سواء في صناعة المحتوى، أو توزيعه، أو تحليله وصولًا إلى إعادة تطويره، وتخصيصه بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور المستهدف، مما يسهم في تحسين تجربة المستخدم وتعزيز التفاعل، واللافت أن الساحة الرقمية تزخر بالعديد من الأدوات الذكية التي من شأنها تحسين عملية صناعة المحتوى بأسلوب إبداعي مبتكر، وبسرعة فائقة ومرونة عالية.
وفي ظل التوظيف المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتنامي دور الإعلام الرقمي كقوة مؤثرة، ينبغي تعزيز ثقافة الوعي الرقمي، فمن الضروري أن يمتلك الأفراد القدرة على التمييز بين المعلومات الموثوقة والمضللة، وفهم كيفية تأثير الخوارزميات على المعلومات التي يتعرضون لها، إضافة لذلك ينبغي تثقيف الجمهور بتلك التقنيات وآلية عملها وكيفية استخدامها تفاديًا لأي مخاطر محتملة.
إن الإتاحة لا تعني الاعتماد الكامل، والوفرة لا تلغي الإبداع البشري، والسرعة في التنفيذ لا تغني عن التأني في الطرح، والسهولة في البناء لا تضاهي العمق في كثير من الأحيان، هذا التمكين الذكي الذي يمتاز به عصرنا الحالي هو نعمة ونقمة في ذات الوقت، إن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام الرقمي مثله مثل أي ظاهرة، يطول وصف عوائدها الإيجابية وانعكاساتها السلبية في ذات الوقت، فالنداء الدائم لمثل هذه الظواهر هو استحضار المسؤولية وتعزيز الوعي ما دمنا جزء من هذه الممارسات، وجزء من هذا العالم.
ونؤكد بهذا الصدد على أهمية مواكبة التطور التكنولوجي في مجال الإعلام وصناعة المحتوى، من خلال تبني التقنيات الحديثة وخاصة الذكاء الاصطناعي، لتعزيز قدرات الإعلاميين وتطوير أدواتهم بما يواكب تطلعات متطلبات العصر، ونؤكد أيضًا ضرورة احتضان كل ما من شأنه أن يطور مهاراتنا ويدعم رسالتنا السامية، للحد الذي لا يفقد الإعلامي دوره الأساسي ولا يخل بقيمه ونزاهته المهنية.
@ syalaboud