خواطر الشهري


منذ الصغر تظهر بعض الصفات الفطرية بالطفل والتي منها، الخوف من الغرباء، حتى يتعلم أن الوجوه حوله آمنة؛ فيسلّم على ما اعتاد عليه، حتى يبدأ والديه باستثناء بعض الأشخاص، وزرع التوجس قبل الأمان؛ فيمنح الطفل الأمان لمن تكون هالته مطمْئنةً له، وقد ينبذ بعضاً منهم لأسباب غير مفهومة بسبب عدم شعوره بالأمان معهم، حتى إن كان هؤلاء الأشخاص لا يستحقون ذلك؛ فقد تجد من يقول: أنا شخص غير محبب للأطفال، ولا أعلم لمَ، رغم أنني أحبهم! وقد يكون هذا اللغز مبهم أو غريب، ويختلف حلّه من طفلٍ لأخر.
نكبر ويكبر معنا الأمان المختزل الذي يضيق كلما توسعت دائرتنا، تجاربنا، وقصصنا؛ لنصل إلى مرحلة ما، تكون دائرتنا ضيقة جداً وقليلة الأشخاص؛ فعندما يخذلنا أحدهم نتأثر بدرجة أكبر بكثير وأقسى بكثير من الأشخاص الذين نتوقع منهم الخذلان، أو ممن هم في الأصل موسومين بالغدر.
عندما نضع أنفسنا في وضعية الأمان عند من نأمنهم فنخذل، من هو المخطئ؟ هل هو! لأنه استغل الفرصة ووجد ضالته فينا؛ أم نحن لأننا لا يجب أن نمنح الأمان المطلق، ولأننا لم نتعلم الدرس الذي يُكرر علينا منذ الطفولة!
إلى متى نُدرّع خشيةً من الخذلان، وإلى متى نمنح الأمان اللا مشروط لمن نعتقد أنه أهلاً له؛ هل العشم هو نوع من أنواع الفيروسات الخاملة التي تحتاج إلى رائحة مؤثر يغير حالتها إلى الحالة النشطة! فيكسرنا عندما تخوننا توقعاتنا فيه!
أحياناً إن كانت لديك القوة للإدراك في اللحظات الصعبة، ستعلم يقيناً بأنك لست مستثنى من دائرة الخطأ واللوم، لأنك لا بد ألا تستبعد نسبة الخداع حتى إن حضر العشم بحضور طاغٍ، وأعمى بصيرتك؛ فلا ضير بالتنفيس وأن تعيش اللحظة، لكن لا تستلم لها ابداً واكمل حياتك.
لا أدري ماهي لذة الإنجاز فيمن امتهن التلاعب بالآخرين، وكأنه معصومٍ من شرب ذات الكأس، ليشعر بفظاعة ما قام به! أو هل يا ترى! هو بريء لا يعلم بأنه متلاعب، وكل ما حدث هو تجمّع لمواقف أدت إلى وقوعه في صفة المتلاعب!
كل منّا سيحصد ما زرعه، فلنحاول جاهدين أن يكون حصادنا مثمراً لا مدمراً في نهاية المطاف.
@2khwater