عبدالله العزمان يكتب:


لا يخفى على أحد، أن العمل على اختلاف صوره، يتطلب جهداً بدنياً أوذهنياً يُستنزَف على مدار ساعات طويلة، وفي ظلِّ السعي الحثيث وراء الربح والإنتاجية، قد يتناسى بعض أرباب العمل، حاجة العمال إلى من يهتم بتهيئة الظروف البيئية المناسبة لهم، لإنجاز الأعمال الموكلة عليهم، التي تحفظ لهم إنسانيتهم وكرامتهم.
إن الرحمة بالعمال لا تتوقف عند تقديم الأجر العادل، بل تشمل توفير بيئة عمل صحية وآمنة، وإعطائهم حقوقهم كاملة دون مماطلة أو انتقاص، وكذلك حسن التعامل معهم وعدم تكليفهم ما لا يطيقون، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» ولا شك في أن هذا الإحسان يشمل التعامل مع العمال، سواء كان في توجيههم أو تكليفهم.
ومن مظاهر الرحمة كذلك، مراعاة ظروفهم الإنسانية. فكم من عاملٍ يعانيضغوط الحياة وهمومها، ولكنه يستمر في عمله، سعياً وراء توفير الرزق لنفسهولذويه، ألا يستحق هذا منا أن نخفف عنه ونكون عوناً له، بدل أن نزيد منمعاناته؟ لقد ضرب لنا النبي عليه الصلاة والسلام، أروع الأمثلة في تعامله معمن يعمل لديه، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال «خدمتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عشرَ سنينَ، فما قال لي أُفٍّ قطُّ، وما قال لي لشيٍءصنعتُه : لِمَ صنعتَه، ولا لشيٍء تركتُه : لِمَ تركتَه».
وفي الختام، لا بد أن ندرك أن الرحمة ليست ضعفاً، بل هي قوة تظهر سموالأخلاق وعلو القيم، فالعامل، مهما كان عمله بسيطاً في نظر البعض، إلا أن له دوراً عظيماً في خدمة المجتمع. فلنحرص جميعاً على معاملة العمال بالحسنى، ولنجعل الرحمة والعطف نبراساً لنا في كل تعاملاتنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ تبارَك وتعالى؛ ارحَموامَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ».

قال الشاعر:
كنْ بلسماً إن صار دهرك أرقما
وحلاوةً إن صار غيرُك علقما
إنَّ الحياةَ حَبَتكَ كلَّ كنوزِها
لا تَبخلنَّ على الحياةِ ببعضِ ما
@azmani21