جنوب أفريقيا.. (صانع السلام) الجديد في القارة السمراء
ارتقت جنوب أفريقيا إلى مستوى دورها الجديد بوصفها صانع سلام في القارة السمراء عندما وقع رئيسا رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية أمس الاول الثلاثاء اتفاقا تاريخيا يرمي لانهاء حرب استمرت أربع سنوات وحصدت أرواح أكثر من مليونين أفريقي. ودفعت حكومة بريتوريا إلى الامام مفاوضات بين دولتي الجوار المتحاربين. وبالرغم من أن الاتفاق لا يزال بحاجة إلى إثبات فعاليته، فإنه يمثل نجاحا آخر لجنوب أفريقيا في محاولتها لاعادة صياغة دورها في حقبة ما بعد انتهاء النظام العنصري. وبينما يعتقد محللون أن بريتوريا لم تعرف بعد كيف تتعامل مع جارتها العليلة زيمبابوي، فإن حكومة تابو مبيكي تحتفظ بالمبادرة بالنسبة لما يسمى قوس الصراع المركزي الافريقي والذي يمتد من أنجولا شرقا حتى الصومال غربا. ساعدت جنوب أفريقيا تحت قيادة رئيسها الاسطوري السابق نيلسون مانديلا في تحقيق اتفاق سلام في بوروندي جارة رواندا. وينظر إلى اتفاق أول أمس الثلاثاء بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية كمؤشر جديد للامل في أفريقيا مثل الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال عطلة نهاية الاسبوع الماضي في كينيا بشِأن السودان وكذلك إنهاء ثلاثين عاما من الحرب الاهلية في أنجولا. ومن المتوقع أن تستفيد خطط مبيكي الطموحة بالنسبة لافريقيا في ظل الشراكة الاقتصادية الجديدة للتنمية في أفريقيا (نيباد) من اتفاقات السلام الاخيرة والتي تعد بضخ الاستثمارات الغربية في اقتصاديات الدول التي تنعم بإدارات حكومية فعالة. ويقول محللون انه مع تحقق السلام واستمراره، فإن إعادة تعمير كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنجولا سيكون له تأثير اقتصادي إيجابي على المنطقة برمتها. وتتمتع السودان باحتياطات ضخمة من البترول حسبما يؤكد الخبراء كما يوجد لدى أنجولا - التي مزقتها الحرب الاهلية الطويلة - ثروات طبيعية هائلة وكذلك الحال بالنسبة للكونغو.وطبقا لجوهر الاتفاق، فسوف تقوم رواندا بسحب قواتها من شرق الكونغو والبالغ قوامها 30 ألفا في غضون ثلاثة أشهر. وتعتبر جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنجولا بين القلة من الدول الافريقية التي تمتلك الوسائل الكافية لتغطية تكاليف اعمارهما أو جذب استثمارات أجنبية كافية لتحقيق ذلك الهدف. من جانبه، يؤكد نيكي اوينهيمر رئيس مؤسسة دي بيرز العملاقة للتعدين والاحجار الكريمة أن بمقدور الدولتين التطلع إلى مستقبل واعد. يقول اوينهيمر كل ما يحتاجانه هو قوانين ملزمة والثقة أن هذا السلام سيستمر حقا. ويضيف أنه يمكن النظر إلى موزمبيق الفقيرة في مواردها والتي مزقتها الحرب الاهلية في الماضي كمثال. فعلى الرغم من أن هذه الدولة لا تزال بين أفقر دول العالم عقب مرور عقد على إسدال الستار على الحرب الاهلية بها، فإنه ينظر إليها أيضا بوصفها معجزة اقتصادية ذات إمكانات واعدة. إنها المرة الاولى التي يرى فيها - حتى المتشككون - الامل في مستقبل أفريقيا. وظهور الاتحاد الافريقي الذي خلف منظمة الوحدة الافريقية والذي يستلهم الاتحاد الاوروبي هو جزء من أسباب هذا الامل. إلا أنه على الرغم من أن المنطقة تحمل أعظم الامال لفترة ما بعد انتهاء نظام التفرقة العنصرية كما يقول المحللون، فإن منطقة الجنوب الافريقي تمثل أيضا مصادر للقلق بشأن مستقبل أفضل. فالجفاف وسوء توجيه الموارد وفساد الحكم أدت إلى انتشار أسوأ مجاعات على مدى سنوات في زيمبابوي وزامبيا ومالاوى، جارات جنوب أفريقيا.رالف أي كروجر