إيران بدأت تعيد النظر في سياستها الخارجية لمداراة الولايات المتحدة
دفع احتلال الجنود الامريكيين للعراق، بايران المجاورة الى التفكير في رفضها التاريخي للحوار مع الولايات المتحدة لكن بدون معرفة الى اي حد ستذهب في احتمال اعادة النظر في مبدأ اساسي للنظام.ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن وزير الخارجية كمال خرازي يوم الخميس من لوكسمبورغ قوله ان ايران تريد تطوير علاقاتها مع كل الدول، حتى مع الولايات المتحدة. وفي ما يدل على حساسية هذا الموضوع، نشر الناطق باسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي في اليوم التالي تصحيحا يقول بانه تم تحريف تصريحات وزير الخارجية. وقال آصفي : انه يجب الادراك بان ايران تريد علاقات افضل مع كل الدول ترتكز على اساس الاحترام المتبادل والمساواة وان الايرانيين سواء كانوا محافظين او اصلاحيين يشككون بان الولايات المتحدة مستعدة لمثل هذه العلاقة.والمسألة، التي تعتبر انتهاكا للمحرمات لدى الكثيرين، قد اعيد طرحها بكل الاحوال وبشكل اكثر انفتاحا بعد ان انهى الامريكيون تطويق ايران عسكريا ونصبوا خيمهم على الجهة المقابلة من الحدود مع العراق. وأقر خرازي في لوكسمبورغ ثم في روما بان الايرانيين منقسمون حيث ان البعض يعتبر انه آن الاوان لإعادة العلاقات مع الولايات المتحدة المقطوعة منذ 1980 بعد الثورة الاسلامية وعملية احتجاز الرهائن في السفارة الامريكية، فيما يعتقد الاخرون عكس ذلك. وليس هناك من شك بان الاصلاحيين ينتمون الى حد ما الى الفئة الاولى. والاربعاء الماضي نشر 153 نائبا اصلاحيا من اصل النواب الـ 290 في مجلس الشورى رسالة تطالب بقيام ايران بتطبيع علاقاتها مع بقية المجموعة الدولية لكي لا تواجه مصير العراق.لكن الولايات المتحدة ليس غائبا كليا عن فرضية تطبيع العلاقات في حين ان مجرد اثارة موضوع استئناف الحوار مع الأمريكيين كان دافعا لسجن العديد من الداعين اليه في نهاية العام 2002. وبالنسبة للموقعين فان الوضع حساس ويثير مخاوف من كارثة لا يريدها احد. ورأوا ان وقف اطلاق النار الذي ابرم مع مجاهدي خلق، المنظمة الايرانية المعارضة التي تتخذ من العراق مقرا لها، يثبت مكر الامريكيين الذين يعتبرون هذه المنظمة رسميا ارهابية. وذهب حزب همبستقي (تضامن) احد الاحزاب الاصلاحية الداعمة للرئيس الايراني محمد خاتمي،الى حد الدعوة الى مفاوضات رباعية ومباشرة حول العراق بين طهران وواشنطن والامم المتحدة وممثلين عراقيين ما يمكن ان يشكل مقدمة للقاءات اخرى حول التطورات الاقليمية. وفي منتصف ابريل اقترح الرئيس الايراني السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني الذي لا يزال شخصية اساسية في النظام ويعتبر مقربا من المحافظين، تنظيم استفتاء حول العلاقات بين طهران وواشنطن.وقال دبلوماسي اوروبي ان الجدل الدائر في ايران يظهر انه يتم الاخذ بالاعتبار ان الضغط يتزايد مضيفا لا يزال يجب معرفة الى اي حد سيكون الايرانيون على استعداد للذهاب وبأي مقابل. وكان المحافظون قطعوا الطريق في الماضي امام مثل هذه المحاولات. وابدى القضاء تصلبا يوم أمس السبت حين اصدر احكام سجن قاسية على 15 من اعضاء المعارضة الليبرالية، بينهم الكثيرون من مؤيدي استئناف الحوار مع الولايات المتحدة. لكن خرازي اكد شخصيا انه ليس من الصواب القول بان الاصلاحيين في ايران يؤيدون استئناف العلاقات مع الولايات المتحدة وان المحافظين يعارضون ذلك. اما الولايات المتحدة، فان وزير خارجيتها كولن باول اكد مجددا في الآونة الاخيرة الرغبة في مواصلة عزل ايران بقدر ما نستطيع لكن بدون قطع كل الجسور معها. وغدا الاثنين، تتزامن الزيارة التاريخية المرتقبة للرئيس الايراني محمد خاتمي الى لبنان، وهي اول زيارة يقوم بها رئيس ايراني الى لبنان، مع ضغوط امريكية قوية تواجهها ايران وسوريا ولبنان للتوقف عن مساعدة حزب الله. وكان من المقرر ان تتم هذه الزيارة التي انتظرها لبنان طويلا في سبتمبر الماضي لكنها تأجلت بسبب الازمة العراقية وهي تأتي تلبية لدعوة وجهها الى خاتمي نظيره اللبناني اميل لحود عندما زار طهران عام 2000. واعتبر دبلوماسي ايراني ان هذه الزيارة تدل على العلاقات الممتازة بين البلدين فهي اول زيارة يقوم بها رئيس ايراني الى لبنان منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979. وجاء توقيت الزيارة في مرحلة سياسية حساسة وحاسمة تواجه فيها ايران وحليفتها سوريا، التي تتمتع بنفوذ بلا منازع في لبنان، ضغوطا امريكية قوية لتتخلى عن مساندتها لحزب الله احد اقدم خصوم اسرائيل.وقد اجمعت الصحف اللبنانية على وصف هذه الزيارة بانها زيارة تاريخية، سيلتقي خلالها بقادة لبنان، اضافة الى السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني وسيلقي خطابا في لقاء شعبي يقام في المدينة الرياضية ببيروت. كما سيلتقي مع الكاردينال نصر الله صفير بطريرك المسيحيين الموارنة.في هذه المرحلة تواجه طهران كما تواجه دمشق وبيروت معطيات جديدة في الشرق الاوسط نجمت عن الحرب الامريكية ـ البريطانية التي اطاحت بنظام صدام حسين في العراق وعن نشر خارطة الطريق التي اعدتها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، الامم المتحدة، الاتحاد الاوروبي، روسيا) من اجل استئناف عملية السلام الاسرائيلي الفلسطيني. يشار الى ان حزب الله الذي نشأ عام 1982 بمساعدة الحرس الثوري الايراني (الباسدران) تحول منذ سنوات طويلة الى حزب سياسي له تمثيله في مجلس النواب.لكن هذا الحزب رفض حتى الان التخلي عن المقاومة المسلحة لأن اسرائيل مازالت تحتل جزءا من الأراضي اللبنانية وهي منطقة مزارع شبعا.وتدعم السلطة اللبنانية حزب الله على انه تنظيم مقاوم وليس تنظيما ارهابيا كما صنفته واشنطن.