نعيمة الغنام
تمر المنطقة العربية - في وقتنا الراهن - بمرحلة عصيبة جدا.. فالتباعد هو المحور الاساسي لكل من قرأ هذه الفترة، وهو شامل لجميع اوجه الحياة بأبعادها المختلفة اقتصاديا، فكريا، سياسيا، اجتماعيا، وثقافيا, وهذا لم يأت من فراغ ، انما هو نتاج سنوات من الهزيمة النفسية والانكسار الجائر، وها نحن نرى منظري الديموقراطية الغربيين تتعالى اصواتهم بالمطالبة بديموقراطية زائفة وفرضها على شعوبنا بالشكل الذي يتناسب مع طموحاتهم واديولوجيتهم وحسب أهوائهم واهدافهم.. يتناسون كينونة المسلم واعتزازه باسلامه وعروبته. ان ما يفسر ويعتقد بأنه ديموقراطي في وطن مختلف عن وطن آخر حسب جغرافيته ونسيجه الاجتماعي ومناخه العام هو على خطأ، فالديموقراطية بمفهومها العام : الممارسة اليومية التي تتناول جميع مناحي الحياة اي من اصغر الامور الى اكبرها وهي حسب عقيدتنا سيادة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن ثم مبدأ الشورى الذي يكفل الحرية والعدالة والمساواة الحقيقية، وقد اكد احد المفكرين العرب على ثلاث ملسمات جوهرية للديموقراطية تنطلق من الحوار.1- الاعتراف بالآخر فعليا وواقعيا. وليس شكليا بما يقتضي التعايش والتعامل معه.2- ليست الحقيقة كتلة صلبة يحتكرها طرف، وانما الوصول بها لا يكون الا بمحاورة الآخر وفهمه، والتي تجعل العمل بالتالي عقلانيا وممكنا ومستمرا.3- ان يكون الاعتراف والحوار في جو من التكافؤ والاعتراف المتبادل ومستندا الى الاحترام والرغبة في التعاون ، تمهيدا للوصول الى ما تتطلبه المرحلة.. واذا تحققنا من هذه الامور الثلاثة نرى الغرب بعيدا عنها ولا يتعامل بها ذاتيا ولا خارجيا فهو يطالب بالحوار والانفتاح على ثقافة الآخر، وهو عنها بعيد وهذا ما عشناه من خلال حرب شنت على العراق بشكل فردي وتعسفي، وبدون قرار من هيئة الامم المتحدة فأين الديموقراطية من ذلك؟ دولتان تحكمتا في الرأي العام! ابعدتانا عن مشاكلنا الداخلية وعن قضيتنا الاولى فلسطين المحتلة فهمومنا الآن يتسع مداها وتتعقد اشكالها فنحن بين هم فلسطين السليبة والعراق المغتصبة. وهذه طلائع مخيفة تحيط بسوريا من بوادر التحرشات السياسية والتدخلات المعلنة والتهديدات السافرة، فأمريكا فعليا وعمليا لاتعترف بالآخر، ولا تقبل الوصول للحقيقة بمحاورة الآخر، ولا تحترم الآخر للتعامل معه تقديرا لحقوقه كأنسان، وانا هنا اناشد اصحاب الرأي وصناع القرار السياسي بالتكاتف والتضامن لحل اشكاليات الوطن العربي، في هذه المرحلة، والتي هي أسوأ من اي فترة سابقة للانتقال من حالة الاحباط والتي يعاني منها الاغلبية. وان يعاد تركيب وضع كل وطن عربي بما لدينا من معطيات وفرض احترامنا بما لدينا من منهجية استقيناها من عقيدتنا السمحاء والوصول معا الى الحقيقة عبر الحوار للقضاء على الحركة الصهيونية التي تدمر الجميع. وعلى المخططات الامريكية واستراتيجيتها التي تشمل الوطن العربي بتقسيمه حسب اهدافه. فلا للتدخل الامريكي ولا للتعدي على سيادة اي دولة عربية وعلينا اعادة قراءة النظام العربي وبحث مستقبل المنطقة العربية بما نملك من مقومات وأهداف.