«غازي» رجل استثنائي أشعل «وهجاً» في دهاليز السياسة ومحاضن الثقافة
وصف ابراهيم بن عبدالرحمن القصيبي ، وفاة شقيقه وزير العمل الراحل المغفور له باذن الله الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي بالفاجعة ، مؤكدا ان الاسرة صدمت بنبأ وفاته ولكن «قدر الله وما شاء فعل وكل نفس ذائقة الموت « , وقال لـ « اليوم «: كنا 8 ذكور لم يتبق منهم سوى الدكتور غازي وانا و6 اناث والبقية انتقلوا الى «رحمة الله» مع الأناث الثلاث , وكان «يرحمه الله» يواصل زياراته الحميمية الى العائلة .رحلة حياة ويروي ابراهيم القصيبي رحلة حياة شقيقه الراحل مبتدئا بأنه ولد يوم 2 مارس 1940 م بالهفوف فى المملكة العربية السعودية ، وقضى في الأحساء سنوات عمره الأولى وانتقل بعدها إلى المنامة بالبحرين ليدرس فيها مراحل التعليم ونال ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة ثم درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا التي لم يكن يريد الدراسة بها وانما كان يريد دراسة "القانون الدولي" في جامعة أخرى من جامعات أمريكا وبالفعل حصل على عدد من القبولات في جامعات عدة ولكن مرض أخيه نبيل اضطره للانتقال إلى جواره والدراسة في جنوب كاليفورنيا وبالتحديد في لوس أنجلوس, ولم يجد التخصص المطلوب فيها فاضطر إلى دراسة "العلاقات الدولية" أما الدكتوراة ففي العلاقات الدولية من جامعة لندن والتي كانت رسالتها فيها حول اليمن ، كما أوضح ذلك في كتابه الشهير "حياةٌ في الإدارة".مناصب هامة ويقول ابراهيم القصيبي ان شقيقه غازي تولى عدة مناصب منها أستاذ مساعد في كلية التجارة بجامعة الملك سعود في الرياض 1965 / 1385هـ وعمل مستشارا قانونيا في مكاتب استشارية وفي وزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة وعميد كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود 1971 / 1391هـ. ومدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية 1973 / 1393 هـ ووزير الصناعة والكهرباء 1976 / 1396 هـ ووزير الصحة 1982 / 1402هـ وسفير السعودية لدى البحرين 1984 / 1404 هـ. وسفير السعودية لدى بريطانيا 1992 / 1412هـ ووزير المياه والكهرباء 2003 / 1423هـ. وزير العمل 2005 / 1425هـ حتى الآن. أدب ومؤلفاتوالقصيبي شاعر تقليدي وله محاولات في فن الرواية والقصة مثل "شقة الحرية"و"دنسكو"و"أبو شلاخ البرمائي"و"العصفورية"و"سبعة"و"سعادة السفير"و"الجنيّة" أما في الشعر فلديه دواوين "معركة بلا راية"و"أشعار من جزائر اللؤلؤ"و"للشهداء"و"حديقة الغروب" وله اسهامات صحافية متنوعة أشهرها سلسلة مقالات "في عين العاصفة" التي نُشرَت في جريدة الشرق الأوسط إبان حرب الخليج الثانية وله مؤلفات أخرى في التنمية والسياسة وغيرها منها "التنمية، الأسئلة الكبرى"و"عن هذا وذاك"و"باي باي لندن ومقالات أخرى"و"الأسطورة ،,ديانا" و "أقوالي غير المأثورة" و"هكذا ورد النص الأصلي"و"ثورة في السنة النبوية"و"حتى لا تكون فتنة" . دم جديدذكره معلمه الأديب الراحل عبد الله بن محمد الطائي ضمن الشعراء المجددين في كتابه "دراسات عن الخليج العربي" قائلا : "أخط اسم غازي القصيبي، وأشعر أن قلبي يقول هأنت أمام مدخل مدينة المجددين، وأطلقت عليه عندما أصدر ديوانه "أشعار من جزائر اللؤلؤ"الدم الجديد، وكان فعلا دما جديدا سمعناه يهتف بالشعر في الستينيات، ولم يقف، بل سار مصعدا، يجدد في أسلوب شعره، وألفاظه ومواضيعه" ، ويعد كتاب "حياة في الإدارة" أشهر ما نشر له وتناول سيرته الوظيفية وتجربته الإدارية حتى تعيينه سفيراً في لندن ووصل عدد مؤلفاته إلى أكثر من 60 مؤلفاً له أشعار لطيفة ومتنوعة ورواية سلمى .اوسمة رفيعة منح القصيبي وسام الملك عبد العزيز وعدداً من الأوسمة الرفيعة من دول عربية وعالمية ولديه اهتمامات اجتماعية مثل عضويته في جمعية الأطفال المعوقين السعودية وهو عضو فعال في مجالس وهيئات حكومية كثيرة. في بيئة "مشبعة بالكآبة"، كما يصفها محور السيرة كانت ولادته التي وافقت اليوم الثاني من شهر مارس عام 1940، ذلك الجو الكئيب كانت له مسبباته، فبعد تسعة أشهر من ولادة "غازي" توفيت والدته وقبل ولادته بقليل كان جده لوالدته قد توفي أيضا وإلى جانب هذا كله كان بلا أقران أو أطفال بعمره يؤنسونه وفي ذلك الجو، يقول غازي "ترعرعت متأرجحا بين قطبين أولهما أبي وكان يتسم بالشدة والصرامة "كان الخروج إلى الشارع محرّما على سبيل المثال" ، وثانيهما جدتي لأمي، وكانت تتصف بالحنان المفرط والشفقة المتناهية على "الصغير اليتيم" ولكن، لم يكن لوجود هذين المعسكرين، في حياة غازي الطفل، تأثير سلبي كما قد يُتوقع، بل خرج من ذلك المأزق بمبدأ إداري يجزم بأن "السلطة بلا حزم، تؤدي إلى تسيب خطر، وأن الحزم، بلا رحمة، يؤدي إلى طغيان أشد خطورة", هذا المبدأ، الذي عايشه غازي الطفل، طبقه غازي المدير وغازي الوزير وغازي السفير أيضا، فكان على ما يبدو، سببا في نجاحاته المتواصلة في المجال الإداري. إلا أننا لا ندري بالضبط، ماذا كان أثر تلك النشأة لدى غازي الأديب. على أي حال، لم يستمر جو الكآبة ذاك ولم تستبد به العزلة طويلاً، بل ساعدته المدرسة على أن يتحرر من تلك الصبغة التي نشأ بها، ليجد نفسه مع الدراسة، بين أصدقاء متعددين ووسط صحبة جميلة.مشوار الدراسة في المنامة كانت بداية مشواره الدراسي حتى أنهى الثانوية ثم حزم حقائبه نحو مصر وإلى القاهرة تحديدا وفي جامعتها انتظم بكلية الحقوق، وبعد أن أنهى الدراسة هناك، والتي يصفها بأنها "غنية بلا حدود" ويبدو أنها كذلك بالفعل إذ يُقال أن رواية "شقة الحرية" التي كتبها والتي كانت هي الأخرى غنية بلا حدود تحكي التجربة الواقعية لغازي أثناء دراسته بالقاهرة . بكالوريوس القانون بعد ذلك عاد إلى السعودية يحمل البكالوريوس في القانون وكان في تخطيطه أن يواصل دراسته في الخارج وأصرّ على ذلك رغم العروض الوظيفية الحكومية التي وصلته وكان أهمّها عرض يكون بموجبه مديرا عاما للإدارة القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية والتي كان يحمل حقيبتها آنذاك عبد الله الطريقي إلا أنه رفضه مقدما طموح مواصلة الدراسة على ما سواه وكان أبوه حينها قد عرض عليه الدخول في التجارة معه ومع إخوته، إلا أنه اعتذر من أبيه عن ذلك أيضا، فما كان من الأب "شديد الاحترام لاستقلال أولاده" كما يصفه ابنه إلا أن يقدّر هذه الرغبة بل ويساعده عبر وساطاته بتدبير أمر ابتعاثه الحكومي إلى الخارج وهذا ما تم. في 1962، ونحو لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأميركية، كانت الوجهة هذه المرة وفي جامعة جنوب كاليفورنيا العريقة قضى 3 اعوام تتوّجت بحصوله على درجة الماجستير في العلاقات الدولية.منصب إداري وفي أميركا وأثناء دراسة الماجستير، جرّب غازي منصبا إداريا للمرة الأولى وذلك بعد فوزه "بأغلبية ساحقة" في انتخابات جمعية الطلاب العرب في الجامعة وبعد رئاسته لها بأشهر أصبحت الجمعية ذات نشاط خلاق بعد أن كانت الفرقة سمتها نظرا للوضع الذي كان يعيشه العالم العربي آنذاك والذي يؤثر بالطبع على أحوال الطلاب العرب.عودة للوطن العودة إلى الوطن والعمل استاذا جامعيا ثم إكمال الدراسة والحصول على الدكتوراة بعد فترة عملية" .. كانت قرار غازي من بين خيارات عدة، فعاد إلى الرياض عام 1964 وإلى جامعتها " جامعة الملك سعود حاليا"تقدّم آملا بالتدريس الجامعي في كلية التجارة "إدارة الاعمال حاليا" ولكن السنة الدراسية كانت قد بدأت قبل وصوله ما جعل أمله يتأجل قليلا حتى السنة التالية وفي تلك الأثناء، قضى غازي ساعات عمله اليومية في مكتبة الكلية "بلا عمل رسمي" ، وقبيل فترة الامتحانات الجامعية جاء الفرج حاملا معه مكتباً متواضعاً ومهمة عملية لم تكن سوى لصق صور الطلاب على استمارات الامتحان وقام حامل الماجستير في العلاقات الدولية بتلك المهمة عن طيب خاطر.لجنة السلام وقبل بدء السنة التالية، طلب منه عميد الكلية أن يجهّز نفسه لتدريس مادتي مبادئ القانون ومبادئ الإدارة العامة، إلا أنه وقبيل بدء الدراسة فوجئ الأستاذ الجامعي الجديد بأنه عضو في لجنة السلام السعودية – اليمنية التي نصت عليها اتفاقية جدة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن، وكان أن رشح اسمه كمستشار قانوني في الجانب السعودي من اللجنة، دون علمه، ليأتي أمر الملك فيصل باعتماد أسماء أعضاء اللجنة فلم يكن هناك بدّ من الانصياع لهكذا عضوية ومع أوائل العام 1966 كانت مهمة اللجنة قد انتهت ليعود المستشار القانوني السياسي إلى أروقة الجامعة، وكلف حينها بتدريس سبع مواد مختلفة وفي 1967 غادر نحو لندن ليحضّر الدكتوراة هناك وكتب رسالته حول حرب اليمن ثم عاد إلى الرياض في 1971 ولكنه قد أصبح الدكتور غازي ليبدأ مشواره العملي ويصل إلى مجلس الوزراء بعد 4 اعوام في التشكيل الوزاري الذي صدر عام 1975 م.الوزير والسفيرمع بداية العام 1971 عاد د. غازي القصيبي للعمل في الجامعة بعد أن حصل على درجة الدكتوراة من لندن في المملكة المتحدة، وأدار بعد عودته بقليل مكتبا للاستشارات القانونية كان يعود لأحد أصدقائه، ومن خلال هذه التجربة التي يعترف الدكتور غازي بأنه لم يوفق فيها تجاريا، يبدو أنه وفق بشأن آخر وهو التعرف على طبيعة المجتمع السعودي بشكلٍ أقرب من خلال تعامله مع زبائن المكتب.برنامج تلفزيوني في تلك الفترة أيضا كانت الفرصة قد سنحت للكتابة بشكل نصف شهري في جريدة الرياض مع إعداد برنامج تلفزيوني أسبوعي يتابع المستجدات في العلاقات الدولية، وكان لظهوره الإعلامي دور في ترسيخ هذا الاسم في ذاكرة العامة. وفي تلك الأثناء كذلك شارك القصيبي مع مجموعة لجان حكومية كانت بحاجة لمستشارين قانونيين ومفاوضين مؤهلين، من ضمنها لجان في وزارة الدفاع والطيران ولجان في وزارة المالية والاقتصاد الوطني وغيرها.مشوار حقيقي في تلك الحقبة من بداية المشوار العملي الحقيقي، كان لابد وأن يكون لبزوغ هذا الاسم ثمن وكان كذلك بالفعل إذ انطلقت أقاويل حول "عاشق الأضواء" و"عاشق الظهور"، وعلق الدكتور غازي على ذلك قائلا : تعلمت في تلك الأيام ولم أنس قط، أنه إذا كان ثمن الفشل باهظا، فللنجاح بدوره ثمنه المرتفع.. أعزو السبب "لظهور هذه الأقاويل" إلى نزعة فطرية في نفوس البشر، تنفر من الإنسان المختلف الذي لا يتصرف كما يتصرفون وبعد أقل من عام، كان على الأستاذ الجامعي أن يتحول عميدا لكلية التجارة وهو المنصب الذي رفضه إلا بشرط هو ألا يستمر في المنصب أكثر من عامين غير قابلة للتجديد فكانت الموافقة على شرطه هذا إلى جانب شروط أخرى رحب بها مدير الجامعة. وبدأت تنمو الإصلاحات في الكلية ونظامها وسياستها بشكلٍ مستمر وبنشاط لا يتوقف حتى عاد أستاذا جامعيا بعد عامين. وفي 1973، كان القرار الهام الانتقال من الحياة الأكاديمية إلى الخدمة العامة في المؤسسة العامة للسكة الحديدية وكان سبق أن عرض عليه الأمير نايف وزير الداخلية أن يعمل مديرا عاما للجوازات والجنسية ولكنه اعتذر أما إدارة مؤسسة السكة الحديدية فأثارت شهية الإداري الذي ولد داخل الأكاديمي" على حد وصف الدكتور غازي.تحت التمرينوقبل أن يتضح له أنه بدأ شيئا فشيئا يتحول إلى "وزير تحت التمرين"، كان قد التقى مرات عدة مع الأمير فهد "آنذاك" حتى أنه شرح له في إحدى المرات فلسفة المملكة التنموية، وكأن ذاك درس للطالب النجيب لينتقل نحو مجلس الوزراء، وهذا ما حدث بالفعل في عام 1975، ضمن التشكيل الوزاري الجديد، إذ عُيّن وزيرا لوزارة الصناعة والكهرباء، وحينها دخلت الكهرباء كل منزل أو على الأقل غالبية المنازل في السعودية وخلال فترة وجيزة، كذلك كان من أهم إنجازات تلك الفترة نشوء شركة "سابك" عملاق البتروكيماويات السعودي.وزير الصحة ويعترف غازي الوزير، أنه لم يكن بوسعه تحقيق ما حققه لولا "الحظوة" التي نالها لدى القيادة السياسية للبلد وهذه الحظوة لم تكن بالطبع لتأتي من فراغ وتوطدت أكثر مع الأمير فهد ولي العهد. وفي يوم من أواخر العام 1981، كان الأمير فهد قد قرر تعيين غازي وزيرا للصحة وهو ما تم بعد تولي الملك فهد مقاليد الحكم عام 1982 ويقول الوزير الجديد، حينها في هذا الشأن: "كانت ثقة الملك المطلقة التي عبر عنها شخصيا وفي أكثر من وسيلة ومناسبة هي سلاحي الأول والأخير في معارك وزارة الصحة، وفي تلك الوزارة كانت التغيرات حثيثة ومتلاحقة، نحو الأفضل بالطبع، ظهر غازي في تلك التغيرات كإنسان أكثر من كونه وزيرا أو إداريا، وربما كان لطبيعة العمل الإنساني في وزارة الصحة دور كبير في هذا. وكان من الأمثلة على ذلك، إنشاء جمعية أصدقاء المرضى، إنشاء برنامج يقوم على إهداء والدي كل طفل يولد في مستشفيات الوزارة، صورة لوليدهم بعد ولادته مباشرة، مع قاموس للأسماء العربية هذا فضلا عن تعزيز عملية التبرع بالدم وبث ثقافتها وتحفيز المواطنين نحوها، كذلك ظهرت لمسات روحانية كتعليق آيات من القرآن داخل المستشفيات وتوزيع المصاحف على المرضى المنومين.وصدر تعيينه سفيرا للمملكة في دولة البحرين بناءً على رغبته، وبقي كذلك لثماني سنوات حتى صدر قرار تعيينه بعد استشارته سفيرا للمملكة في بريطانيا، وظل هناك طوال 11 عاما ليعود من السلك الدبلوماسي نحو الوزارة، وزيرا للمياه ثم المياه والكهرباء بعد أن دمجتا في وزارة واحدة، لينتقل الى وزارة العمل الشاعر والروائي كان لغازي القصيبي ميول أدبية جادة، ترجمها عبر دواوين أشعار كثيرة وروايات أكثر، وربما يعدّ بسببها أحد أشهر الأدباء في السعودية ويظل رمزا وأنموذجا جيدا لدى الشباب ، وتوالت الإصدارات بين دواوين الشعر والروايات والكتب الفكرية، ومن دواوينه الشعرية صوت من الخليج والأشج واللون عن الأوراد وأشعار من جزائر اللؤلؤ وسحيم، وللشهداء ومن رواياته شقة الحرية والعصفورية وسبعة وهما وسعادة السفير ودنسكو وسلمى وأبو شلاخ البرمائي، وآخر إصداراته في الرواية الجنية وفي المجال الفكري له من المؤلفات التنمية والأسئلة الكبرى والغزو الثقافي وأمريكا والسعودية وثورة في السنة النبوية والكتاب الذي وثق فيه سيرته الإدارية والذي حقق مبيعات عالية "حياة في الإدارة .وأحدثت معظم مؤلفات الشاعر والروائي والمفكر غازي القصيبي ضجة كبرى حال طبعها.شقة الحرية وعلى المستوى الروائي يكاد يُجمع المهتمون بأن روايتي شقة الحرية والعصفورية، هما أهم وأفضل وأشهر ما كتب القصيبي، في حين احتفظ ديوان معركة بلا راية بمرتبته المتقدمة بين دواوين الشعر الأخرى، وفي المؤلفات الأخرى، يبقى حياة في الإدارة واحدا من الكتب التي حققت انتشارا كبيرا رغم أن ثقافة القراءة كانت شبه معدومة حينها في المجتمع "نشر الكتاب عام 1998 وهو العام الذي انخفض فيه سعر برميل النفط إلى أقل من 10 دولارات .ولا يزال غازي منذ البدء متواصلا مع المشهد الثقافي السعودي عبر إصداراته شبه السنوية. وفي الشأن الأدبي، لا تخلو سيرة غازي الوزير من مواقف طريفة تسبب بها غازي الأديب، إذ يروي القصيبي أنه في أحد الأيام إبان وزارته في الكهرباء والصناعة حصل انقطاع للكهرباء في أحد أحياء الرياض، وكان القصيبي يذهب إلى مقر الشركة ويتلقى الشكاوى الهاتفية مع موظفي السنترال كلما حدث انقطاع، فلما كان ذاك اليوم، وأثناء تلقيه للاتصالات على سنترال الشركة، حادثه مواطن غاضب قائلا: "قل لوزيركم الشاعر أنه لو ترك شعره واهتم بعمله لما انقطعت الكهرباء عن الرياض"، يقول غازي، " فقلت له ببساطة: شكرا.. وصلت الرسالة فقال: ماذا تعني؟ قلت: أنا الوزير قال: أحلف بالله فقلت: والله. وكانت هناك لحظة صمت في الجانب الآخر قبل أن تهوي السماعة". وهنا استشهد القصيبي بقول الأديب السوري محمد الماغوط: "ما من موهبة تمر بدون عقاب" ويضيف عليها: "وما من موقف يمر بلا ثمن ".