محمد السهلي

رسائل لم يفهمها صالح ...!

كانت أحلام «صالح» أكبر من الوقائع الموجودة في السوق، عندما قرر الاتجاه لإنشاء مكتب صغير كان يعتقد ان الاجراءات ستكون ميسرة وسهلة خاصة وهو يشاهد إعلانات الهيئة العامة للاستثمار عن تحقيق إنجاز في سهولة الأعمال على مستوى المملكة وتقدمها في مؤشر التنافسية العالمية .

لم يعلم «صالح» أن سهولة الإجراءات التي تعلنها الهيئة هي حصر للمستثمر الوافد من الخارج وأن المستثمر المحلي ليس له جهة ترعاه ومازال يدور في فلك الروتين والاجراءات البيروقراطية ..اتجه المستثمر «الحالم» الى البلدية بعد ان أستأجر مكتبًا ورأى نفسه مكملًا للاجراءات ولكن صدمته كانت كبيرة وموظف البلدية يتعامل معه ببرود ويؤكد ان محله مخالف لشروط التصريح «حيث انه لا يحوي دورًا علويًا».

** عمل «صالح» خلال شهر على انجاز ذلك الدور عبر تقسيم مكتبه وانشاء دور علوي ضمن مساحة المحل المقررة وعاد الى اخذ موعد مع المندوب الذي حضر ببرود اكثر وقال له بعد المعاينة أنه مازال غير مطابق للمواصفات وان تقسيمات الدور العلوي غير مناسبة «ورغم ذلك لم يدع صالح مجالا للاحباط ليتسلل الى حلمه بل سعى بكل جهد لتطبيق وتنفيذ مواصفات المندوب».

** ورغم انه حفظ جيدًا طريق البلدية من كثرة مراجعته لها الا انه لم يحفظ اشكال العاملين هناك  خاصة وأنه انشغل بنفسه كثيرًا ولم يكن لديه مجال لتأمل وجوه الآخرين « إنها مشكلة صالح فهو لم يكون على كثرة تردده على البلديه علاقة مع أي أحد سوى ذلك العامل الآسيوي الذي كان ينظف مقاعد المراجعين ويراقب تحركاتهم ..يقول صالح «كان يبتسم في وجهي مع كل زيارة حتى تمنيت ان تكون شفاه الموظفين مثل شفاهه» ..لقد كان الاسيوي يرسل رسائل واضحة لصالح ولكنه لم يفهم إلا متأخرًا..

وكأنه ينتقي عبارات الحزن وهو يتحدث لي عن معاناته في استخراج تصريح مكتب خدمات عامة وتخليص يكون له عونًا على مصاعب الحياة.

** يكمل صالح حكايته « في احدى زياراتي وبعد ان عدلت اخر ملاحظات المندوب الذي لم يتجاوب معي في تحديد موعد قريب لمعاينة مكتبي ، اصابني الاحباط وبدا ذلك واضحا على محياي، ولكني فوجئت بالعامل الاسيوي يقترب مني مبتسمًا ويقول بكل هدوء وباللغة العمالية الدارجة» انتا يبغى تصريح مكتب ،لازم انتا يدفع 2000 ريال وانا ثلاثة يوم وكلام انتا»..فكر صالح كثيرًا وقرر الاقدام على تلك الخطوة رغم عدم قناعته بها..وبالفعل هاتفه الاسيوي بعد ثلاثة ايام واعطاه التصريح من الباب الخارجي لمكتب البلدية لتنتهي مأساة صالح التي استمرت اكثر من ثلاثة اشهر .** في اعتقادي ان صالح لم يفهم رسائل موظف البلدية المستمر ولم يفهم رسائل الاسيوي المبتسمة طيلة ذلك الوقت وهو ما جعله يتأخر في الحصول على تصريح ويستغرب متحدثًا «حصلت على التصريح ولم يشاهد موظف البلدية التعديلات التي أنجزتها ..ماذا يجري؟ « ..قلت له لاتسأل عما يجري فعندما يفقد الانسان ضميره والمخافة من ربه فتوقع منه كل شيء.رئيس قسم الاقتصاد