محمد السهلي *

مشهد من «روفان» !

ليس هو المزاد العقاري الاول الذي احضره , وليس هو الحدث العقاري الاوحد هذا العام في المنطقة الشرقية , ولكن ربما انتابتني حالة خاصة ونادرة من التأمل في هذا المزاد , الذي اقيم عصر الاربعاء الماضي وسط حضور معتاد لهوامير العقار في المنطقة وضم مشاهد عديدة تدعو لاخذ نفس عميق وكتابة سطور وصفية تعبر عن وجهة نظر خاصة ..

الحميمية تسيطر على المشهد بين التجار , والقلوب تتحرك بسرعة طمعا في الفوز بأراض تجارية او سكنية يضع من خلالها هوامير العقار بصماتهم على تلك المنطقة من مخطط «روفان» , موقع المزاد كان مزدحما لدرجة الوقوف في الممرات وبين الطاولات , انواع من الحضور تجدها هناك , سماسرة ومتفرجون واصحاب مكاتب صغيرة يستمتعون بمشهد الشراء ولا يشترون , ويتأملون الارقام التي تتجاوز الستة اصفار , وبين هذا وذاك حالات من الاحباط تصيب الصغار وحالات من النشوة والانتصار يشعر بها اصحاب الملاءة المالية من الهوامير «الصاخبين ونظرائهم الهادئين»..وفي أعلى الطاولة الرئيسية يبدو  وجه المطور العقاري العصامي المشهور متألقا ..مستمتعا بمشهد نجاحاته المتكررة , في هذه المرة يدير مزادا مشتركا , ورغم ذلك كان هو المسيطر على المشهد , وفي الطاولات القريبة من المنصة تسيد الهوامير الكبار واحاط بهم بعض المساندين و»المجاملين» والحاضرين ضمن اطار « من حضر القسمة فليقتسم « ..

في المزادات السابقة كانت نفس الوجوه موجودة ,,سيطرت على ذلك المزاد,,وهي ذاتها من سيطر الاربعاء على اراضي «روفان» ..يهمس في أذني رجل خمسيني شد انتباهه استغرابي من تضخم الاسعار , يذكرني ان الله خلق البشر طبقات وان تلك الاراضي كتبها الله لطبقة من طبقات المجتمع وان تلك الطبقة لاتضرها تلك الاسعار!تطرح الاراضي التجارية والسكنية بسعر يفوق مبلغ نهاية الخدمة لموظف حكومي , ويبدأ الهوامير في المزايدة عليها , هنا تتجلى صور المنافسة بكل اشكالها ,,قال لي احدهم « العشرة ريال تفرق في المزاد « , تختتم المزايدة على تلك الارض بمبلغ في الغالب يقترب من بضعة ملايين ,,يقف في اخر القاعة شاب ثلاثيني يشاهد تلك الارقام ويسأل « هل يمكن ان اشتري قطعة ارض في حياتي؟ « ..يصيبه الاحباط مع تضخم الارقام ويخرج بهدوء دون ان يراه احد ..يتملك الهوامير اراضي المخطط ويعود ذلك الشاب من حيث اتى الى شقته الايجار وهو ينتظر الفرج او تغير الاوضاع ..في المزادات السابقة كانت نفس الوجوه موجودة ,,سيطرت على ذلك المزاد,,وهي ذاتها من سيطر الاربعاء على اراضي «روفان» ..يهمس في أذني رجل خمسيني شد انتباهه استغرابي من تضخم الاسعار , يذكرني ان الله خلق البشر طبقات وان تلك الاراضي كتبها الله لطبقة من طبقات المجتمع وان تلك الطبقة لا تضرها تلك الاسعار , وان نصيب الطبقات الأقل هو الانتظار للفوز بشقة او جزء من مساحات «روفان» مستقبلا ..اؤيده بعقلي ولكني أسأله بخبث عن أثر الـ600 الف وحدة سكنية التي ستبنيها الدولة على اسعار العقار ..يرد بابتسامة أشد خبثا « سيكون للتجار نصيب من ذلك المشروع الضخم , وستظل اسعار العقار متضخمة , لان القضية اصبحت قلة عرض في المتاح من الاراضي « ..ثم يأخذ نفسا عميقا ويقول « سيستمر قلة المعروض وستزداد سيطرة الهوامير وستواصل الاسعار تضخمها « هنا قلت بهدوء « أذكر الله «..* رئيس قسم الاقتصاد