محمد السهلي *

البنوك لم تخدم المجتمع !

عندما نراقب الصورة العامة لكبريات الشركات في المملكة ونسترجع نظرة المجتمع لتلك الكيانات لابد ان تقفز أذهاننا الى قناعة اننا كمجتمع لم نستفد من تلك الكيانات في الوقت الذي استفادت هي منا كمجتمع ايما استفادة , بل تصل الصورة الى اننا ربما «هرمنا» واستنزفنا من تلك الشركات ماليا وصحيا وهما اداريا..

شركات كبرى في مجالات متعددة لم تقدم للمجتمع سوى رعايات لمناسبات بسيطة  او دورات لتطوير الذات او زراعة شجرة على الكورنيش ولكنها لم تخدم المجتمع في تقديم مشاريع كبرى يستفيد منها اكبر شريحة من المجتمع , ولعل الباعث على هذا الكلام التنافس الملحوظ بين غرف المناطق الرئيسية في انشاء مجالس للمسئولية الاجتماعية تتنافس بها الشركات لخدمة المجتمع..كلامي السابق لا يلغي ان هناك شركات نقف لها احتراما بعد ان قدمت مشاريع كبرى كإنشاء مشاريع للاسكان الميسر او انشاء مراكز صحية متخصصة , ولكن ما اريد ان اتطرق له هو قطاع واحد لم يلفت نظرنا الى أي مشاريع كبرى قدمها للمجتمع , ولا يظهر نشاطه الا في دورات بسيطة يستفيد منها عدد على اصابع اليد ويصاحبها كم من البيانات الصحفية التي تطبل لذلك الانجاز وكأنه فريد من نوعه ..

البنوك لم تخفض فوائد القروض ولم تبتكر طرقا في افادة العملاء , فكل خدماتها لعملائها تجد فائدة البنك فيها اكبر من فائدة العميل , ورغم ذلك لم يشاهد العملاء مقابلا يستفيد منه المجتمع يوازي الفوائد الضخمة التي تجنيها البنوك من تعاملات العملاء معها

عندما ندقق فيما قدمة قطاع البنوك للمجتمع نجد انه اقل القطاعات خدمة واكثرها استفادة من المجتمع, ولا يقل عنه في تواضع قطاع البتروكميكال , وهما القطاعان اللذان يضمان اكبر واضخم الشركات التي استفادت من هذه الارض وهذا الوطن وكانت فائدها من المجتمع اكبر واعم واشمل , ورغم ذلك لم تقدم لهذا المجتمع شيئا يستحق ان نتذكره ونشجعه ..البنوك لم يطالبها المجتمع بمقابل على مبالغ الادخار التي يضعها المواطنون في اروقة خزائنها , مع انها حق مشاع , ولم تتبن أي مشاريع ضخمة يستفيد منها المجتمع ولم تختر من الطلبة المميزين مجموعة ترعى تعليمها وتطوراتها وتقدمها للمجتمع من خلال ابتعاث او مراكز متخصصة في هذا الشأن..البنوك لم تخفض فوائد القروض ولم تبتكر طرقا في افادة العملاء , فكل خدماتها لعملائها تجد فائدة البنك فيها اكبر من فائدة العميل , ورغم ذلك لم يشاهد العملاء مقابلا يستفيد منه المجتمع يوازي الفوائد الضخمة التي تجنيها البنوك من تعاملات العملاء معها , وحتى المنافسة وهي المتعددة العدد لم تنشأ بينها بما يخدم المجتمع , بل تجد منافستها قائمة على اقتحام المدن باعلى عدد من الصرافات والفروع دون أي شي آخر يذكر ..البنوك لم تقدم مشاريع صحية ضخمة تخدم المجتمع بشكل مباشر, ولم تتبن كراسي بحثية تلفت النظر ولم تساعد الطلبة الذين يدرسون علم الصيرفة او الادارة المالية او المحاسبة فهم عمادها للمستقبل, بل تتركهم وتخطف المتميز منهم وتهمل البقية وكأن تلك البقية ليست من المجتمع في الوقت الذي يتمخطر فيه الاجانب بالمناصب العليا في تلك الادارات (الاخيرة شكوى لطالب جامعي)..قد يكون قطاع الاتصالات خدم المجتمع وتنافس على خدمته اكثر من أي قطاع آخر, رغم ان قطاع البنوك اكثر استفادة منه الا ان تلك البنوك لم تلتفت لفكرة المسئولية الاجتماعية ولم تدعمها ولم تساهم في تطورها , وقد يكون للوعي الاداري دور في ذلك, فهناك فرق بين ان تنظر للمجتمع على انك جزء منه وانه اساس نجاحك وبين ان تنظر للمجتمع على انه فريسة تتنافس مع اقرانك على اكل اكبر جزء منها.. انها العقلية الادارية التي يصحيها دائما وعي المجتمع. *رئيس قسم الاقتصاد