سعوديون يتنازعون أمام عين الدنيا؟!
والسبب أن سعوديين يعرضون خلافاتِهم العميقة على مرأى الناس أجمعين.. لم يكن احتجاجي أنهم يختلفون، كان احتجاجي لأنهم يختلفون على محطةٍ فضائيةٍ غير محلية، ومقدّمُ البرنامج ينفث في شعلةِ النار المتّقدة لتسري بالفتيل سريعاً إلى حزمة التفجير..لم يكن احتجاجي على المحطة التلفزيونية الدولية، كما لم يكن احتجاجي على مقدم البرنامج ولا احتجاجي على موضوع الاختلاف.. إنما احتجاجي كان على الظرف، واحتجاجي علينا نحن لما نقدّم بخوفنا من الحوار الداخلي عندما تشتد صراحته، نحسب أننا كتمناه وأقفلناه، رؤوسنا على صحونٍ لامعة عندما يتسرب حوارنا بفعل آليةٍ طبيعية - بسبب حجْرنا- للخارج..لا أقبل الظهور بأي محطة خارجية لمعالجة موضوع محلي يتطلب الصراحة والوضوح، وأتمنى أن يكون ذلك بأي محطة سعودية داخل البلاد تتيح لي سعة مساحة الرأي، لأن نقاش مواضيعنا الصريحة والقوية الحضور على ساحاتنا الداخلية تكون في الداخل بميزتين: أننا نقلع أشواكنا بأيادينا، ونتحاور مع بعضنا ما شاء لنا قوة الحوار - لو حصل طبعا- والثاني أن هذا لا يعني أن مشاهدي العالم الخارجي لن يرونا، بل هم سيكونون من المشاهدين بحكم أن محطاتنا فضائية منساحة على العالم فتعطيه فكرةً إيجابية بأن مساحة الرأي الحر عندنا واسعة، ويعكس صورة العقلية الإعلامية الرسمية إيجابياً..وعندما نعالج ذات الشأن في مسألة داخلية بمحطة خارجية فهنا تتحقق سوءتان، الأولى: نؤكد للخارج ضيقنا بحرية الرأي، وبالذات المواجهة الصريحة. والثانية: أن الحوار بالخارج لا يعدو أن يكون نشر غسيل بيتك خارج البيت!أتمنى أن يتاح لنا أن نتكلم بصراحة من أجل بلدنا في بلدنا. سأكتم كل ما يعتمل في قلبي ولن أنشره بالخارج غسيلا يتفرج عليه نظـّارة العالم، كما لن أوجّه أصبعَ اللوم لمن لا يستطيع، فيتوجه لمحطات الخارج.. ولكن سيستمر استيائي وألمي أن نكون مضغةً في فمِ الإعلام الخارجي.ننتظر غدًا جميلًا يأخذنا إلى درب جميل يوصلنا إلى مكان نريد كلنا أن نصل إليه.. طريقٌ نسير فيه إلى تماسك الأمة، بتماسك حقوق كل أفراد الأمة.. طريقٌ جميلٌ مرصوفٌ باحترام كرامة وحق وحرية كل مواطن، وأن يحترم كل مواطن هيبة وسمعة أمته، جزءان مذابان في محلول واحد فلا يكون محلولُ المواطنة بجزء دون الآخر.. العلاقة المنطقية الأزلية: أعطِ وخذْ.. وخُذْ وأعطِ!طريقٌ نترك وراءنا فيه خلافاتِنا سعياً لتماسكنا، طريق نجد فيه حلولا لمشاكلنا.. طريق خالٍ من الغضب والكره والتوعد والانتقام.. وإيمانٌ بأننا كلنا موجودون شئنا أم أبينا على أرض واحدة، وأن أحدا منا لن يغادرها.. أبدا. عندها سنكون وضعنا خطواتنا الجميلة على الطريق الجميل.