صحيفة اليوم

محمد عبدالواحد

ليس يدهشني هذا الرجل الذي جفت مآقيه, فهو لا يبكي .. وجفت انسانيته.. فهو لا يشعر وتبلد احساسه فهو لا يعي ولا يدرك.لست اصدق فيه تمزقه من الداخل كما يزعم.. ولا ألمس هذا التمزق في عينيه الباهتتين الجافتين اللتين لم ترسلا الدمع يوما من اجل أرض سلبت أو كرامة اهدرت أو حياة انتهت بطريق شاذ وغير عادل.. فهو يصحو عندما ينام الناس.. ويرقب فيهم الشخير ليحاسب انصاف الموتى على شخيرهم.. وينام عندما يصحو الناس.. ويقف عند القبر.. ولا يذكر.. ولا يتذكر.. ولا يتعظ.. فقد الف الهرب بوجدانه عن الخلق.. فهربوا عنه.. وتركوه حيث هو نسيان يقتاته النسيان.وبالأمس رأيته يهزأ من الدامعين الباكين ويسميهم (شحاتين عواطف) ونسي ان الذين يبكون هم الرجال... فالدموع هي الطريق الى القوة.. وهي باب الانسانية الواسع.. فرب دمعة صنعت لصاحبها بيتا في الجنة.. أو بيتا في النجمة أو بيتا على الارض لا يدخله الا الصادقون الدامعون..ولا ازيد.