حي الفاضليـة والمواهب المنسـية

 ولا أزال أتذكّر مع أول يوم في الدراسة بالرغم من صغر سِني بالمواهب التي كان يتمتع بها أبناء هذا الحي. خاصة في فنون الرسم والخط والأعمال الفنية. ولم يكن فقط أبناء هذه الحي.. بل كانت الطالبات أيضًا يتمتعن بمهنيةٍ عالية رغم صغر السن. وفي تلك الفترة كانت تقام معارض سنوية لجميع مدارس البنات في جميع مدارس الأحساء. وكان هذا الحي في ذلك الوقت به مدرسة ابتدائية واحدة. وأما طالبات المتوسط فينتظمن في المتوسطة السابعة أو المدرسة العاشرة التابعة لأرامكو بالفيصلية. وكانت منتجات المعارض التي كانت تعرض أعمال الطالبات من هذا الحي تعتبر تحفًا فنية مهما كان المعيار. ولا يتم مساعدة الطالبات في أعمالهن.. بل كل ما يتم عرضه هو عمل الطالبات أنفسهن.

في هذا الوقت وعندما أمرُّ على شوارع حي الفاضلية التي كنت في صغري لا أعرف الفرق بين شوارع هذا الحي وحي التعاونية والاهلية. فإنني أرى تاريخًا عريقًا لحي قديم في مدينة من أقدم المدن في العالم.ولا أزال أتذكّر إلى اليوم بعض الأعمال الفنية التي كان يقوم بها طلاب هذا الحي في المدارس أو المراكز الصيفية. والتي كانت شعلة في النشاط في ذلك الوقت. وفي العام 1969م كنت أحد طلبة المركز الصيفي الذي كان في مدرسة الهفوف النموذجية وقام الطالب (الرسام) عبدالحميد البقشي برسم لوحةٍ زيتية تمثل الكفاح الفلسطيني وتم إهداء اللوحة لصاحب السمو الأمير محمد بن فهد آل جلوي أمير الأحساء (رحمه الله) أثناء زيارته للمركز الصيفي في ذلك العام. وليس الرسم هو الموهبة الوحيدة لدى أبناء عوائل هذا الحي.. فهم مهرة في الأعمال المتعلقة بالذهب وحياكة الملابس التي تتطلب مهارة وصبرًا كبيرين.. مثل صناعة البشوت. واستمر عطاء هذا الحي من المواهب الأخرى المتعددة. خاصة في مجال الطب ومنهم البرفيسور سعيد بوحليقة وفي مجال الاقتصاد الدكتور سعيد الشيخ وغيرهم ممن تخصّصوا في مجالات الطب والهندسة.وفي هذا الوقت وعندما أمرُّ على شوارع حي الفاضلية التي كنت في صغري لا أعرف الفرق بين شوارع هذا الحي وحي التعاونية والاهلية.. فإنني أرى تاريخًا عريقًا لحي قديم في مدينة من أقدم المدن في العالم.