صحيفة اليوم

المسؤول التنفيذي

في مقال سابق كتبت عن وظيفة (رئيس العمل) واهميتها في نجاح الجهاز في تأدية رسالته وتناوت الصفات التي يجب ان يتحلى بها شاغل هذه الوظيفة.. ولقد احدث المقال انطباعات متباينة لدى العديد من الشخصيات التي تحتل مواقع قيادية او تلك التي موكل اليها تنفيذ واجبات ومسؤوليات ضمن اطار واهداف الاجهزة الخدمية. وهؤلاء واولئك تباينت انبطاعاتهم في فئتين.الاولى: صفقت وهللت (وهم اكثرية)الثانية: امتعضت واستهجنتوهناك فئة ثالثة.. تمثلت في رجل واحد يشغل وظيفة قيادية واشرافية تربوية.. وهو ماض مع نخبة طيبه في طريق الكفاح من اجل تعليم وتهذيب النشء وتغذية واشباع الارواح هذا الرجل تحدث معي حول هذا المقال.. حديث صاحب علم وصاحب خبرة وابدى اعجابه بالمقال وما اتسم به من شجاعة في الطرح وما احتواه من اطر رأي انها ضرورية لنجاح اي قائد في اي موقع.. وكان حديثه شيقا ومفيدا وقد استمعت اليه بادب التلميذ الجالس الى استاذه في محراب علمه.. وقبل ان ينهي حديثه طرح سؤالا هاما وجوهريا.. ماذا عن المسؤول التنفيذي؟وطلب مني الاجابة عن هذا السؤال حتى تستقيم المعادلة واعمالا للعدالة التي تحدث عنها في المقال السابق وقبل الاجابة عن هذا السؤال.. اود ان اؤكد على نقطة هامة وهي ان عدالة الرئيس المطلوبة يجب ان تكون في كل شيء.. في المنع والعطاء.. وفي المكافأة والجزاء.. ووفقا لمعايير محددة وواضحة ومعلومة للجميع ضمن منظومة الجهاز ولائحته العامة. كما ان التعاون مع العناصر المستهترة يخالف العدالة ويضر بالصالح العام.. لان المستهتر مثله مثل حبة الفاكهة المعطوبة ان تركتها في السلة افسدت ما حولها.. ولهذا فان الحزم والحسم لا زمان في هذه الحالة لوقاية باقي افراد الجهاز وهذا من العدالة لانه لا يجوز ان يستوي الطالح مع الصالح. اما فيما يتعلق بالاجابة عن السؤال المطروح.. فدعونا نعترف اولا.. بان الواجبات والمسؤوليات التي يعهد بها الى اي فرد وفي اطار اي تنظيم او تحت اي مسمى.. سواء كان موظفا او عاملا.. مهندسا او صانعا.. طبيبا او ممرضا.. محاسبا او كاتبا.. بائعا او محصلا.. معقبا للمعاملات او مراجعا لبعض الجهات.. هي في حقيقة الامر (امانات) يحملها هذا الفرد ومن واجبه تأديتها في وقتها وفي اكمل صورها. والمسؤولون التنفيذيون في جميع المواقع وفي مختلف الاجهزة يصنفون في اطار اداء الواجبات الى صنفين:الصنف الاول: يحمل بين جنبيه ضميرا حيا يقظا يشكل له رقابة ذاتية تدفعه دائما على اداء الواجبات دون حاجة الى رقيب خارجي. وهذا ما يسمى في علم الادارة (الالتزام) .الصنف الثاني: يحتاج دائما الى سلطة خارجية لحمله على تنفيذ ما عليه من واجبات وهذا يسمى في علم الادارة (الالزام) ويقول علماء علم الادارة ان الفرق بين الصنفين اي التزام الذات من نفسها في اداء الواجبات والزام الذات من سلطة خارجة عنها.. هو الفرق بين انسان له اهلية الاشراف على نفسه وانسان فاقد تلك الاهلية.. بين انسان يكتفي بذاته في اداء ما عليه لنفسه وما للغير من واجبات وانسان هو في حاجة الى اشراف خارجي على ما يؤديه من امانات له او للغير. ويتحقق عنصر الالتزام فيما امرنا به القرآن الكريم في قوله تعالى: (إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وهو امر للمسلمين ان يوقظ كل منهم في نفسه ضمير الايمان في اداء ما يجب عليه.. لانه اذ استيقظ ضمير الايمان كان هو السلطة الداخلية في الانسان وكان هو القوة الدافعة الى الالتزام باداء ما عليه من واجبات (أمانات) واذا ادى الفرد ما يجب عليه من واجبات بناء على يقظة ضميره فانه في الوقت نفسه يكرم ذاته.. اذ عندئذ يستغني عن انسان مثله يراقبه ويدفعه الى اداء الواجبات، والواجبات اذا اديت عن طريق الالتزام وصلت الى مستحقيها ميسرة لان سلطة (الالتزام) النفسية في اداء الواجبات (الامانات) الى اهلها اقوى من سلطة الالزام الذي لا يعتمد على الاقناع او الاقتناع النفسي بقدر ما يعتمد على السلطة الخارجية الملزمة.. والتي تلزمه بالاداء وتكرهه عليه.. بحكم القانون والسلطة المنفذة له والتي اذا غابت او خفتت تحايل او تخلف عن الاداء والان عزيزي المسؤول التنفيذي. مع اي صنف تحب لنفسك ان تكون.. مع هؤلاء الرجال اصحاب الضمائر الحية واليقظة الذين يكرمون انفسهم فيستحقون التقدير والاحترام، ام مع اولئك فاقدي الاهلية - الذين يحتاجون دائما الى من يشرف عليهم ويدفعهم الى تأدية ما عليهم من واجبات.الخيار لك.. لكنني اثق في اعتزازك بنفسك وتطلعك الى خدمة مجتمعك.مدير تحرير مجلة الاقتصادية الاحساء