نجيب الزامل

نزهــة فـي سبعة أيام

في هذه الصفحة، نبحر أسبوعيًا مع كاتبنا الرشيق، نجيب الزامل، مستدعيًا يومياته، التي يلخصها لقراء (اليوم) في سبع تجارب ذهنية وفكرية، يثري بها الأفق السياسي والفلسفي والتاريخي والجغرافي والثقافي.إنها تجربة يتحمّلها الزامل وربما نتحمّلها نحن بإسقاطاتها، وتداعياتها وخلفياتها، حتى لا يكون في العقل «شيءٌ من حتى».اليومُ الأول:وابتدع الإنسانُ الفنّ وكان اللونأحب أن أبدا بموضوع إجابة للشاب «حسين المطيري» من الكويت ويقول فيه: كيف يكون الدم أحمر مثلا إن لم يكن هناك لون للأشياء أصلا؟ يعرف الشابان «أنس الجريفاني» و»وائل العثمان» من شباب الخبر، واللذان أشرفا على مشروعنا الجميل «انسكلوبيديا لاتيه» أو «موسوعة بالحليب»، والذي تكررت إقامته عدة مرات بالمنطقة الشرقية لبناء الخيال الفكري العلمي من واقع المعلومات وقوانين العلوم، وابدع الشباب في تفسيراتهم، اننا يوما خصصنا لقاء كاملا لدولاب نيوتن عن الألوان، وكان اللقاء من ابهج اللقاءات وأكثرها حيوية وحماسا ودخل الشباب عالم اللون المهيب، وقدرة الخالق في كشف معجزة اللون الذي يبدأ من النجم الصغير وكنزنا الحيوي الكبير الشمس. ابتدع الإنسان الفن حبا باللون فنحن أكثر الكواكب ألوانا لأننا أكثر تنوعا في الحياة. إن اللون أخرج جمال الأرض من خيال الفن إلى إدراكنا الحسي، والأرض قدمت الألوان فألهبت خيال الفن. والقدماء عرفوا الألوان ولكن كيف فهموها؟ فهموها أن كل مادة قائمة بلونها الخاص بها فالزهرة حمراء لأنها وجدت حمراء فالصفة خليقة مع المخلوق هكذا كان تصورهم، حتى بدأ من ايام أقليدس، ومن يوم بدأ الصينيون صنع الزجاج ان لوحظ ان بأطراف قطع الزجاج ألوان سبعة طيفية، ولاحظت الشعوب قوس قزح بعد الأمطار يخرج قوسا طيفي الألوان ويسحر لب الناظرين ويلهم خيال الحلم والعاطفة. حتى جاء «ديكارت» الفرنسي فكان أول من أعطى الإنسانية فكرة - لأنه لم يشرحها وافيا - أن لون الشمس الأبيض نفذ من قوس قزح، أي من قوس قطرات من ماء فانحل إلى ما نراه من ألوان. ثم جاء «اسحق نيوتن» في القرن السابع عشر وأثبت قطعيا أن لون الشمس الأبيض إنما هو نتيجة ألوان سبعة متى مُزجت صارت اللون الأبيض، وأثبته بنظرية المنشور الشهيرة حين مرر شعاعا من الشمس من ثقب إلى داخل حجرة فإلى المنشور، فتفرق الشعاع الأبيض إلى ألوان طيف. فما حقيقة اللون الأحمر في دمنا؟ إن الدم ببساطة شرب من ضوء الشمس وامتص ألوان طيفه إلا اللون الأحمر فهو أخرجه، أو كما نقول عكسه إلينا فرأيناه أحمر. وكذلك الزهرة، وكذلك النبات الأخضر لم يمتص الأخضر، وهكذا.. أي تتلوّن المادة بما صدّته لا بما كسبته!