نزهــة فـي سبعة أيام
في هذه الصفحة، نبحر أسبوعيًا مع كاتبنا الرشيق، نجيب الزامل، مستدعيًا يومياته، التي يلخصها لقراء (اليوم) في سبع تجارب ذهنية وفكرية، يثري بها الأفق السياسي والفلسفي والتاريخي والجغرافي والثقافي.إنها تجربة يتحمّلها الزامل وربما نتحمّلها نحن بإسقاطاتها، وتداعياتها وخلفياتها، حتى لا يكون في العقل «شيءٌ من حتى».اليومُ الأول:أسد البحر.. أمير البحر العربيأحدثكم اليوم عن قائد بحري عظيم ربما لم تسمعوا به من قبل، ولم نحاول أن ننبش عن أفعاله العظام التي دوّخ بها كل قادة البحار في المتوسط بزمانه. لم يُهزم أبدا.. الوحيد من رجال البحر الذي لم يذق طعما لهزيمة. وصفه مؤرخ بريطاني بأنه أعظم من «نلسون» الذي هزم نابليون بمعركة «واترلو» البحرية ضد نابليون، فخر بريطانيا. ولد في القرن التاسع الهجري بأواخر القرن الخامس عشر الميلادي، لم نعرف له اسما، بل لم نعرف له أصلا دقيقا، فمن المؤرخين وبالذات «عبدالرحمن شرف بك» التركي من يقول انه تركي واسمه «ترغوث» ومنهم من يقول انه عربي تونسي واسمه «طرغوث»، وترى أن الاسمَ متطابق إلا بتغير النطق التركي والعربي. وما نعرفه أنه توسد نومته الأرضية الأخيرة بساحل بجنوب المغرب. عاصر «أسد البحر»، كما صار يطلق عليه فغاب اسمه الحقيقي، في عصر السلطان «سليمان القانوني» والامبراطور «شارل الخامس» أعظم ملوك أوروبا. فاز بكل حروبه تلك التي خاضها من أجل العثمانيين، وتلك التي شارك بها قاطع الطريق البحري «خير الدين»، وحارب بصقلية وقبرص وحول مضيق طارق.. وصار سيف ديموقليس المعلق على رقاب الجائبين في البحر الكبير. كان حُرّا أبيـّا وشهماً، ولما صارت له قاعدة في بحر الجزر اليونانية سمح للمسيحيين باقامة كنيستهم وممارسة شعائرهم، وحرر سباياهم من النساء، ولم يحتفظ أو يعتد على امرأة قط.. ومنع التعذيب وممارسة سرقات الحرب على رجاله. بكى «أسد البحر» لما سماه بعض المحليين، وتعرفون مخيلة اليونانيين، بإله الحرب.. وكتب على كل أشرعة سفنه لا إله إلا الله.. لم يُهزَم قط، أمّا سبب وفاته.. فمن قذيفةٍ رُمِيَت خطأ من مدفعية سفينته!