د. أمل الطعيمي

استهلكتنا الأسواق

كعادتنا في مقابلة أي فكرة أو برنامج أو نظام ما يطرح على المجتمع يقابلها الأغلبية باستعراض قائمة من السلبيات لا تنتهي ونظل نقلبها على الوجهين السخرية والجد ولا نجد من يلتفت إلى الإيجابيات إلا قلة من الناس. ومن ذلك ما طرحه الدكتور عبداللطيف آل الشيخ الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف حول تقليل ساعات العمل في الأسواق والأخذ بما هو متبع في دول كثيرة حيث تغلق المحلات في السابعة مساء. وذلك حرصاً على مصلحة الباعة الذين يقضون معظم يومهم في الأسواق وبما أن المرأة دخلت هذا المجال مؤخراً وصار لزاماً أن تبقى في عملها حتى العاشرة أو الحادية عشرة في المراكز التجارية . وبغض النظر عما إذا كانت البائعة أماً أو لا إلا أن تقليل ساعات العمل يسمح لها بالعيش بشكل طبيعي ومشاركة أسرتها الفترة المسائية . هذا هو الهدف الذي انطلق منه آل الشيخ في فكرته ولكن الحقيقة أن للموضوع نتائج ايجابية كثيرة .  تنظيم أوقات اليوم للجميع بلا استثناء فبدلاً من النوم حتى أذان المغرب بعد العودة من العمل يومياً فليذهب الناس الى قضاء حاجاتهم في الأسواق ويعودون لبيوتهم في الوقت الذي تحتاجهم فيه.إن افتقادنا لذلك لا يعني ألا ننصف في هذا الشأن لأنه بالتأكيد سيسهم في ضبط حالة اللامبالاة التي استشرت فينا في مسألة تنظيم الأوقات وجعلتنا بتلك الحجة نبحث عن أي وسيلة للخروج من البيت ونفقد الاهتمام بالأولويات حتى تحولنا إلى جحافل من المستهلكين الشرهين في كل مكان ولهذا فتحت لنا بعض الأسواق في الدول الأخرى أبوابها حتى الفجر ليس من أجل سواد عيوننا بل من أجل رائحة النقود التي لانحسن التعامل بها الغني منا والمتوسط والفقير تنظيم الحمى الاستهلاكية الطاغية على كثير من أفراد المجتمع بحكم أن زيارة المراكز التجارية للتسوق تكون عند كثير من الناس ترفيهاً مكلفاً فهو لاينتهي إلا بشراء الكثير مما ليس ضروريا.   إحياء فترة الظهر والعصر يعني إحياء لفترة اعتاد الناس فيها على الخمول والكسل تأتي بعدها فترة مسائية نشطة تتطلب السهر وتبديد الأوقات حتى وقت متأخر جداً لا يتناسب مع متطلبات الأعمال الصباحية والدراسة. ولطالما تألمنا لحال الأطفال الذين يجرجرهم أهلهم في الأسواق بلا طائل . يسخر بعضهم من الفكرة ويقول : إن الدول الأخرى تقفل أسواقها لأن البديل موجود وهو السينما والمسارح وأقول . إن افتقادنا لذلك لا يعني ألا ننصف في هذا الشأن لأنه بالتأكيد سيسهم في ضبط حالة اللامبالاة التي استشرت فينا في مسألة تنظيم الأوقات وجعلتنا بتلك الحجة نبحث عن أي وسيلة للخروج من البيت ونفقد الاهتمام بالأولويات حتى تحولنا إلى جحافل من المستهلكين الشرهين في كل مكان ولهذا فتحت لنا بعض الأسواق في الدول الأخرى أبوابها حتى الفجر ليس من أجل سواد عيوننا بل من أجل رائحة النقود التي لانحسن التعامل بها الغني منا والمتوسط والفقير .إن الفكرة المقترحة فيها من الايجابيات ما يفوق السلبيات إذا نظرنا إليها بدقة وحرص على مصلحة جميع الأطراف وعلى أثرها في تهذيب بعض السلوكيات الاجتماعية العامة التي أساءت للإنسان كما أساءت عن طريقه للوطن بطرق غير مباشرة لأن الأسواق المشرعة استهلكتنا مادياً ومعنوياً فلا مانع إذا أن نضع حداً لذلك وننتصر على مغرياتها ونعتاد التعامل معها كحاجة وليس ترفيهاً فقط.