العالم العراقي مهدي عبيدي: رغم تعاوني معهم .. اعتقلوني !
قال عالم عراقي رفيع المستوى، قاد مسؤولين أمريكيين إلى مخططات ومكونات على علاقة ببرنامج اليورانيوم العراقي كانت مخفية لديه، إن القوات الأمريكية اعتقلته رغم تعاونه مع وكالة الاستخبارات المركزية.. وفي حديث لـCNN أوضح مهدي عبيدي، إن تلك القوّات حاصرت منزله بالدبابات والمروحيات والمدرعات لاعتقاله، بعد يومين فقط من حصول مسؤولين على الوثائق والمعلومات. فيما قال مسؤول أمريكي لعب دور الوساطة بين مهدي عبيدي والأمريكيين، إن بلاده تجاهلت تقريبا عرض العالم العراقي، وأن ما حدث معه لم يسبق له مثيل. وكان مهدي عبيدي يرأس البرنامج العراقي لتخصيب اليورانيوم قبل حرب الخليج الأولى، قد أخفى تلك المخططات والمكونات المتعلقة بالبرنامج، في حديقة منزله بناء على أوامر من ابن صدام قصي وصهره حسين كامل وفق ما أعلن. وأوضح عبيدي أنه قرّر التعاون مع الولايات المتحدة، أياما فقط بعد دخول قواتها بغداد، غير أنه، وفقا لتصريحاته، خشي الحديث إلى الجنود الأمريكيين.وبدلا من ذلك، قرّر عبيدي الاتصال بالصحافيين والمراسلين في فندق فلسطين الذي كانوا يتخذونه مقرا لهم، إلى أن نجح في إقناع أحدهم بالاتصال بمفتش أسلحة أمريكي سابق، كان قد التقى به في عقد التسعينات، وهو ديفيد أولبرايت. ويرأس أولبرايت الآن معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مؤسسة أمريكية تتخذ من واشنطن مقرا لها وتعمل على محاربة انتشار الأسلحة النووية.. وقال : إنه استغرق أسبوعا في الحديث إلى عدة وكالات قبل أن تهتم وكالة الاستخبارات المركزية باستجواب مهدي عبيدي.. موضحا أن المسؤولين الأمريكيين لم يفهموا، بادئ الأمر، أهمية ما يعرضه عبيدي، وقال: لم أر شيئا من هذا القبيل أبدا. لقد أرسل عبيدي كلّ أنواع الإشارات، وما فعلوه هو أنهم لم يفهموها ببساطة. ومن جهته قال عبيدي: بعد توسط ديفيد في اللقاء الأول، قلت لهم إن لدي معلومات مهمة، وأخبرتهم بكلّ المخططات والمكونات. وأوضح أنهم بمجرد اقتناعهم بأهمية ما عثروا عليه لدي كان واضحا مدى سعادتهم بأن شيئا مماثلا قد حدث. وقال عبيدي لقد قلت لهم إن انشغالي الوحيد يتعلق بأمني وأمن عائلتي وأنه يتعين أن يتمّ أخذ ذلك بأقصى درجات الحيطة، وقد وعدوني بأن ذلك سيشكل الانشغال الأهم لديهم. وفي الثالث من يونيو، يومين فقط بعد تسلّم وكالة الاستخبارات المركزية للوثائق والمكونات، وبالرغم من الضمانات التي تمّ قطعها، اقتحمت القوات الأمريكية منزل مهدي عبيدي وكسرت بابه ثم اعتقلته بعيدا عنه. وقال عبيدي : لقد أخذوني بعيدا، وقيّدوني. لقد رأيت عشرات الجنود وعشرات الدبابات والمدرعات والمروحيات تحوم حول منزلي.. ثمّ رموني في إحدى العربات المدرعة ونقلوني إلى المطار. وتستعمل القوات الأمريكية المطار كمركز اعتقال. وأوضح عبيدي أنه جرى اعتقاله لمدة يوم قبل أن يتمّ حل الموضوع، وعزا رئيس فريق المفتشين عن الأسلحة في العراق التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ما حدث إلى نقص في التنسيق بين وحدات عدة تنشط في العراق.. ومن جهتها اعتذرت القيادة الوسطى في بيان لها لمهدي عبيدي.وبعد إطلاق سراحه، استأنف عبيدي اجتماعاته مع وكالة الاستخبارات المركزية، حيث اعتقد أن المسؤولين فيها وافقوا على نقله وعائلته إلى خارج العراق حماية له، نظير تقديم الوثائق والمخططات. غير أن عبيدي أوضح، بعد ذلك، أن وكالة الاستخبارات المركزية ستنكث وعودها. وقال عبيدي: لقد وعدوني أولا أنهم سيحاولون حمايتي، ثمّ ما حدث بعد ذلك، أنهم أخبروني أنهم راجعوا الوثائق وحقّقوا في المسألة واكتشفوا أن هناك المزيد ممّا يمكن أن أقدمه، وأنهم مستعدون لكشف الأمر للصحافة. وعند هذه المرحلة، نصح ديفيد أولبرايت مهدي عبيدي بشرح قصّته للصحافة.. وقال أولبرايت أعتقد أن ما حدث يعني للأسف أنه ليس لدى حكومة الولايات المتحدة سياسة للسماح لهؤلاء العلماء بالمجيء إليها. وباتصال CNN بوكالة الاستخبارات المركزية، قال مسؤولون إنه جرى نقل عبيدي إلى مكان آمن وتقرر إبطاء عرض المسائل إلى حين التأكد من أنه بات مع عائلته خارج العراق. وبعد ذلك التقت CNN عبيدي ضمن اتفاق يقضي بعدم الكشف عن مكان إقامته.وقال عبيدي إنه اتفق مع من ينسق معه في وكالة الاستخبارات على عدم كشف المزيد بشأن نقله من العراق أو خططه المستقبلية.. وشدّد عبيدي على أنه من الضروري معاملة العلماء العراقيين باحترام لأن العالم عالم، وهو مكلف بمهمة عليه أداؤها جيدا.وخلص إلى القول إن العالم يبحث عن الحقيقة وأنه يتعين معاملته جيدا، لأنه بقطع النظر عن أهميتها، يمكن لأي معلومة أن تخدم قضايا الإنسان، ويتعين على العالم أن يتطوع من دون أن يخشى أي تداعيات لذلك.