د. أمل الطعيمي

كيف ترتاع الظبا

روعوه فتولى مغضباًأعلمتم كيف ترتاع الظباخلقت لاهية ناعمةربما روعه مر الصباالغزال نوع من الظبائيات وأحسب أن كثيراً من الشعراء ومنهم شوقي في هذه القصيدة يذكرون الظبي ويعنون به الغزال وهو حيوان جميل وذكي رشيق الحركة وفيه كبرياء ظاهر كما أنه شديد الخوف فإذا روع ولى مسرعاً سرعة تعجز من يتصيده . وقد درج الشعراء العرب على تشبيه النساء به في السلوك وخفة الحركة والرشاقة . وهنا تولت محبوبة الشاعر مغضبة مرتاعة مما يحاك حولها كما يرتاع الظبي . لي حبيب كلما قيل له صدق القول وذكى الريباكذب العذال فيما زعمواأملي في فاتني ما كذباثم راح شوقي يفند الأباطيل التي زعمها عذالهما وهو يتمسك بأمله في محبوبته أن تحفظ الود وتكذب ما يشاع وأن تصمد لأن أمله فيها صادق لا يكذب غير أن التهم التي رموهما بها يصعب انكارها فالهوى والليل والأحبة ثلاثة أمور يصعب معها تصديق العفاف والبراءة فلا عجب أن تكون مدعاة للشكوك والريب  .لو رأونا والهوى ثالثنا والدجى يرخي علينا الحجبافي جوار الليل في ذمته نذكر الصبح بألا يقرباملء بردينا عفاف وهوىحفظ الحسن وصنت الأدبا فهل يصدق العذال ما دفع به الشاعر التهم عنهما ؟ وكيف يتأتى له ذلك وقد راح يستجديها بمكانتها في قلبه بل بقلبه الذي قدمه لها مختاراً بعد أن استوطنت به فصار لها سفحاً تلعب به ومنهلاً عذباً يرويها شأنها شأن الظباء في مواطنها . وكيف لا تفعل وقد فتنته بحسنها على حين غرة من قلبه وعقله الذي راح يبرر تمكنها منهما بما لها من محاسن فاتنة .لك قدٌ سجد البان لهوتمنت لو أقلته الربىولحاظ من معاني سحرهجمع الجفن سهاماً وظبىكان عن هذا لقلبي غنية ما لقلبي والهوى بعد الصبا إنها الفتنة التي تستحوذ على المرء حتى وإن كان جاوز الصبا إلى نضج لم يستعص على حسنها ولكن الشاعر يعلل ذلك بتعليل طريف حين قال :فطرتي لا آخذ القلب بهاخلق الشاعر سمحاً طربالو جلوا حسنك أو غنوا به للبيد في الثمانين صبا إنها فطرة الإنسان وربما خص بها الشعراء الذين يسلبهم الجمال من أنفسهم فلا تؤاخذ قلوبهم على تسليمها وميلها حيث مال الهوى . وبلمحة ذكية يستعين الشاعر بلبيد بن ربيعة وهو الشاعر الحكيم الرزين وهو يؤكد أنه لو أبصر حسنها لصبا رغم سني عمره الثمانين .قصيدة تشبه قطر الندى على جبين الشجر شفافة ندية رائقة تغنى بها كثير من المطربين في مواويل شجية.