كلـمــــة اليــوم
المحادثات الأمنية والسياسية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ستبقى متعثرة باستمرار طالما عمدت حكومة شارون إلى املاء شروطها على الفلسطينيين في محاولة يائسة منها لدفعهم إلى التسليم بما لا يمكن التسليم به، فإسرائيل تتحمل من جديد فشل الاجتماع الأمني يوم الاربعاء الفائت بشروط تعجيزية وضعتها امام الفلسطينيين، ولانها من جانب آخر تراجعت عما التزمت به من قبل حول انسحابها من بيت لحم رغم ما ادعاه المفاوضون الإسرائيليون من أن المحادثات بين الجانبين حققت نتائج ملموسة، ويجيء فشل الاجتماع الأمني بين الطرفين لينسف مشروع (غزة أولا) رغم النوايا الفلسطينية الجادة بالرغبة في استئناف التعاون الأمني واحراز تقدم حقيقي على صعيد الحوار السياسي، غير ان تلك النوايا تجابه دائما بعراقيل تحاول إسرائيل وضعها امام مختلف الاجتماعات الأمنية، فقد خرج الفلسطينيون وهم يشعرون باستياء شديد بعد الاجتماع الأمني الأخير بينهم وبين الجانب الاسرائيلي، فقد لمسوا عن كثب ان اسرائيل وضعت عدة شروط جديدة حول عدة مسائل أمنية، وانها تنصلت من تعهدها بالانسحاب من بيت لحم حسب الخطة الموضوعة في مشروع (غزة أولا) رغم علمها يقينا باستحالة قبول الفلسطينيين لفحواها او القبول بتنفيذ اي شرط منها لانها قد تقود الى اشعال حرب اهلية بين الفلسطينيين، وهذا ما تريده اسرائيل تلميحا وتصريحا، وهذا الفشل الأمني الجديد بين الجانبين ليس الأول من نوعه، فلطالما تراجعت اسرائيل عن عهود قطعتها على نفسها فأدى ذلك الى فشل العديد من الاجتماعات الأمنية بين الجانبين، فاسرائيل كما عهدها الفلسطينيون تريد اكتساب المزيد من الوقت في محاولة لاحراز اي تقدم سياسي على الارض، وازاء ذلك فانها تعمد باستمرار الى عدم الالتزام بأي جدول زمني يدفعها للانسحاب من اي مدينة فلسطينية لشعور حكومة شارون بأن الالتزام بتلك الجداول قد يؤدي الى حلول حقيقية لجوهر الصراع الدائر بين الطرفين، فاسرائيل تسعى دائما الى تجزئة الحلول الى اجزاء مختلفة، وادخال كل جزء في معمعة من التنظيرات السياسية الموغلة في التعقيد لابطاء التوصل الى سلام حقيقي مع الفلسطينيين ومن ثم فلا يلوح في افق الواقع المنظور اي مشروع سياسي تملكه اسرائيل لتسوية نزاعها القائم مع الشعب الفلسطيني، وفاقد الشيء عادة لا يعطيه، وبذلك لا توجد نية ملموسة من الجانب الاسرائيلي لتهدئة التوتر المتصاعد على الساحة الفلسطينية، بل يبدو ان النية معلنة على رؤوس الاشهاد لتغذية العنف وفق سياسة عدوانية تحول دون التوصل الى تسوية حقيقية على اهم مسار من مسارات العملية السلمية في المنطقة رغم ادعاءات اسرائيل المغلفة بالتملق والتدليس بين حين وحين والمتمحورة حول تحقيق الاجتماعات الأمنية بين الطرفين لنجاحات مثمرة، وهي نجاحات لا تدور الا في خلد حكومة شارون المتطرفة، ولايمكن ان تدور في خلد الفلسطينيين ولا في خلد الباحثين عن تحقيق سلام ملموس واكيد بين الجانبين المتنازعين.