الحياة حين تصبح ضيقة
في الوقت الذي يسعى فيه بعض الأشخاص إلى وصف الأنظمة العربية بالظلم والتعدي على حريات الناس، نجد أن الأشخاص أنفسهم وبتأثير ممن يوالون وما يتبنون من أفكار يدعون بشكل أو آخر إلى تحويل الحياة كلها إلى معتقل كبير، يكون الجميع فيه سجناء خلف قضبان فكر واحد ونظرة واحدة، وأسلوب واحد في فهم الحياة. ويتوهمون أن هذا هو الطريق لحفظ الإسلام وتطبيقه كما يرون هم، لا كما نزلت به الرسالة التي أشارت للصالح والطالح والملتزم والعاصي، وكأنهم يريدون صناعة الناس من جديد بطريقة تضمن عدم انحرافهم، بل إن بعضهم يتوهم أن هذا المعتقل الكبير يجعل الشيطان خارج الحدود فيمتنع أثره وشره عن الناس!!كأنهم يريدون صناعة الناس من جديد بطريقة تضمن عدم انحرافهم، بل إن بعضهم يتوهم أن هذا المعتقل الكبير يجعل الشيطان خارج الحدود، فيمتنع أثره وشره عن الناسفي الوقت الذي يشيعون فيه كل الموبقات، ولكن بموجب أفكار منحرفة تدل على أن الشيطان صار مقيماً في رؤوس بعضهم فلا يكاد يغادرها، وأثره بين عليهم بما يمليه عليهم وبما يزين لهم سوء أعمالهم.تلك الأوهام قوضت دولاً وحطمت الإنسانية فيها حين فقدت الحياة الطبيعية، وحصرت في ميادين الفقر والبطالة والتخلف الفكري والتعليمي والاقتصادي، وأخطار متنوعة تحيط بهم صباحاً ومساء، من بينها ذاك التنازع المستمر والدمار من أجل تحقيق رغبة مستميتة لكي يمسك أحدهم بزمام السلطة، حتى لو كانت النتيجة أن يفرض سلطته على ركام المكان والإنسان الخائف الذي لا يحسن التعامل مع الحياة التي فرضت عليه، إلا في حدود التزاوج والأكل والشرب، وكأنه لا يريد سوى البقاء بأي حال كان!! ماذا يعني أن تمارس التزاوج كغيرك من الحيوانات وتستعطي لقمة تأكلها لتبقى حياً تماماً، كالحيوان الذي يغادر عشه أو جحره ليجد ما يأكله. هكذا تتحول الحياة إلى سجن كبير فيه مخالفات صريحة للأوامر الإلهية. وهنا تكون الهجرة حلما إلى حيث الحياة الملونة بالأبيض والأسود والخطأ والصواب، وهي تلك الحياة التي اختارها الله للناس (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) إنهم يتوهمون أنهم يقطعون ابتلاءات الله عز وجل، ويحولون بين الناس وبين اختيار الله لهم!! تلك الحياة التي تنمو فيها قدراتهم على المقاومة، ويدركون المعاني الحقيقة للإيمان والعمل بما يحققه، ويتوافق مع متطلباته ويضعفون فيخطئون ويتعلمون ويستغفرون. (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) ما أعظمها من آية، تختصر كثيراً من الأقوال وتحتاج لكثير من التفكر لمن يريدون أن يتعلموا الحياة، ويسعوا فيها وليس الموت رغم تردد الأنفاس ونبض القلب. ونحن بين هذا وذاك نبتلى ونخطئ ونصيب ونحسن العمل ونخفق حياة صاخبة بين هذا وذاك، والنتيجة بيد الخالق لا غيره من الذين ضيقوا على الناس وجعلوها بين قوسين، من خرج عن حدودهما كان كافراً يستحق الرجم!!. ألا يكفينا من شرور أولئك الذين يخططون ويسعون لتحويل الحياة إلى معتقل كبير تلك الجرأة المتناهية منهم على الله؟! في الوقت الذي يوهمون الناس فيه أنهم وحدهم من يعرف الطريق إليه، وأن هذا الطريق هو ما يختارونه فقط! ألا يكفي أنهم يشوهون معاني قدرات الله واختياراته لخلقه، ويعطلون حقيقة صفاته وأسمائه التي أنزلت في كتابه من خلال ممارسة ما تمليه عليهم شياطينهم؟!. فمتى نعي حقيقة التنظيمات الواهمة والتي تحاول ايهام غيرها أنها جاءت لتكمل ما نقص من الدين!! والعياذ بالله (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).