صلاة الضحى جماعة
بعض البكاء هو نتيجة حتمية للاندماج في الدور، قد يكون متعمداً مصطنعاً، وقد يكون عفوياً من سيطرة المشاعر والانفعالات العاطفية للدور الذي يقوم به المرء. ونرى هذا كثيراً عند الممثلين، وقد نراه في أنفسنا عندما ينسجم أحدنا مع تمثيلية ما فنقول: إن فلاناً عاش الدور. اللافت للنظر أن البكاء من خشية الله صار مما ينطبق عليه القول السابق؛ فقد رأينا بعضها متكلفاً من بعض الكبار لدرجة التنفير من سماع ما يقولون أو اندماجاً في الحالة عند بعض الصغار!! في أحد الفيديوهات يقف طفل ربما لم يتجاوز الثانية عشرة من العمر يتحدث إلى مجموعة من أقرانه ويوجه لهم بعض النصائح تحت رعاية ومتابعة بعض الكبار الذين يدعمونه ويحثونه فيندمج الصغير في الدور وتخنقه العبرات ويبكي وهو يتحدث عن التوبة فيصرخ باكياً توبوا توبوا إلى الله.. فأتساءل: ما الذنوب التي اقترفها هذا الصغير ليصدح بالدعوة للتوبة لنفسه ولأقرانه وكأنه اقترف من الذنوب والآثام بحجم ما يقترفه الكبار من إفراط وتفريط في صلتهم مع ربهم!!.أين الرقابة المدرسية عن هذا التجاوز؟ ولماذا لم يجرؤ زملاء المهنة على منع هذا التجاوز؟!، ألأن الأمر مرتبط بالدين وأن هذا وحده كاف لمنعهم عن التصحيح الإداري في الوقت الذي يخطئ فيه أحدهم في حق الدين؟!يتداول بعضنا هذا الفيديو على أنه انجاز عظيم لصدق المشاعر وحسن التدين الذي أظهره ذلك الصغير، وكأنه صورة من صور خشية الله، وهو في الحقيقة مجرد اندماج لا واع في الدور الذي قام به ذاك الصغير بتوجيه من الكبار في محاولة لصنع داعية صغير ليؤثر في أقرانه. ولا شك أن ذلك البكاء يصاحبه تأثر زمني محدود جداً ومؤقت بلحظات مكوثه في ذلك المكان ومن فيه ممن ينغمسون في اللحظة فقط وسرعان ما يتجاوزونها ولكنهم لا يتجاوزونها إلا بأثر وبصمة يسيطر عليها الخوف من الله وترقب عذابه أكثر من ترقب رحمته من خلال تعلم المزيد من الخير وطرقه المتعددة. وكأن مهمة بعض الكبار محصورة في الترهيب لا الترغيب والإصرار على تقريب صور العذاب وتجنيب صور الرحمة بما تتضمنه من معان عظيمة لا يضيع الله فيها حق العامل بها (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) أياً كانت درجته ونوعه وتوجهه! هؤلاء يأخذهم الحماس فيما يسعون إليه حتى وصلنا إلى مرحلة يخلط فيها الواجب بالمستحب مما يربك أذهان الصغار ولا يعينهم على فهم أصول الدين.أحد مديري مدرسة ابتدائية خاصة جعل من صلاة الضحى فرضاً يؤديه الصغار جماعة في أول النهار!! فتكون فسحتهم الأولى لصلاة الضحى وفسحتهم الثانية لصلاة الظهر. حتى ضاق الصغار بذلك، وتساءلوا: أيحرمنا الدين من بضع دقائق نرتاح فيها ونأكل ونلعب دون ملاحقة الأستاذة لنا لجمعنا لأداء الصلاة؟. ولكم أن تتخيلوا حال الطفل عندما علم من أمه أن ما يقوم به اجبارياً في مدرسته لم يطلبه الله عز وجل منه. ولكن المدير يفعل ذلك بناء على رؤيته الخاصة ومفهومه الخاص الذي يخالف فيه شرع الله وسنة نبيه. فما كان من الصغير إلا أن يقول: يحق لي إذاً أن أهرب من هذه الصلاة؟!!وبعد رد الفعل هذا من الصغير ماذا نتوقع أن يكون فهمه للدين ولمصداقية المدير والمعلم في التعامل به ماذا سيفهم من هذه الجرأة منهما على الله؟، وكيف سيفرق بين الحق وبين ما يحيط به من مفاهيم موهومة يجني بها الكبير على الصغير ويجعلهم يتخبطون فيما يسمى ساحات جهاد حربي أو جهاد نفسي؟. وأين الرقابة المدرسية عن هذا التجاوز؟، ولماذا لم يجرؤ زملاء المهنة على منع هذا التجاوز؟! ألأن الأمر مرتبط بالدين وأن هذا وحده كاف لمنعهم عن التصحيح الإداري في الوقت الذي يخطئ فيه أحدهم في حق الدين! غالباً هذا هو السبب كحال كثير من الشئون التي اختلط فيها الحق بالباطل.