الاتحاد الخليجي ليس ترفا
لم تكن فكرة الاتحاد الخليجي ترفا سياسيا أو أمنيا، بقدر ما هي متطلبات واقع وضرورة تواكب تطوير مجلس التعاون، والنهوض به، وجعله في مسار أكثر صمودا أمام التحديات التي تواجهها دول المجلس، الذي تتوفر له قواسم مشتركة أكبر من تلك التي للاتحاد الأوروبي، ويكفي أن ذلك الاتحاد تتكلم دوله أكثر من عشرين لغة تقريبا، وتدين بأكثر من دين، وتتبعثر في أكثر من طائفة وعرق، بينما يوحدنا لسان ودين وعرق واحد. مفاهيم مثل التحالفات والاتحاد والشراكات، أصبحت هي لغة القوة في العصر الحديث، لدول تبحث عن مستقبل أكثر متانة لها ولأجيالها، وحين أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعوته للانتقال بمجلس التعاون إلى الاتحاد، فذلك جاء نابعا من قناعة بأهمية تطوير أدواتنا وتحقيق تلاحمنا التنمويحينما أعلن الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله في سلطنة عمان، أن السلطنة تعارض مشروع إقامة اتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي، وقال: «نحن ضد الاتحاد»، فإن ذلك ينطوي على مخاطر على الفكرة وليس التطبيق، فنحن بحاجة للوحدة والاتحاد وكل مترادفات الفعل الوحدوي؛ لأن ذلك يضيف إلينا، ولا يخصم من أرصدة دول المجلس، وأيا كانت مبررات السلطنة في الخروج من عباءة ومظلة الاتحاد، إلا أنها غير منطقية، ولا تستقيم مع مقتضيات الواقع، رغم احترامنا لمثل هذا القرار السيادي.الوزير العماني قال لفرانس برس: إن «موقفنا إيجابي وليس سلبيا. فنحن ضد الاتحاد، لكننا لن نمنعه» وأضاف: وفي حال قررت الدول الخمس الأخرى -الأعضاء في المجلس- إقامة هذا الاتحاد «فسننسحب ببساطة من مجلس التعاون الخليجي». ولا أفهم -كمتابع- كيف يكون مثل هذا الموقف إيجابيا، لأنه يعزل السلطنة ويخرجها من رحاب القوة إلى فضاء «الوحدة»، ويحرمها من الامتيازات الاقتصادية المتفق عليها بين دول المجلس.من عدم الانصاف، أن يبقى مجلس التعاون على حال واحدة، ولا يستجيب لضرورات التطور والتغيير إلى الأفضل، ولدينا في دول الخليج العربية كثير من المميزات، التي يمكن أن نتشاركها ونقوى بها بصورة أكثر إيجابية من الاتحاد الأوروبي، ومفاهيم مثل التحالفات والاتحاد والشراكات، أصبحت هي لغة القوة في العصر الحديث، لدول تبحث عن مستقبل أكثر متانة لها ولأجيالها، وحين أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعوته للانتقال بمجلس التعاون إلى الاتحاد، فذلك جاء نابعا من قناعة بأهمية تطوير أدواتنا، وتحقيق تلاحمنا التنموي، وتوظيف ثرواتنا؛ من أجل خير المستقبل والأجيال.وجود سلطنة عمان في الاتحاد يضيف إليها، ولا يخصم من دول المجلس والفكرة، ومن واقع الاحترام لهذا القرار السيادي، فليس بالضرورة الخوض في تفاصيله واستقراء تداعياته، ولكننا نحسب أن السلطنة تفوّت على نفسها فرصة ثمينة للعمل الجماعي، الذي تستقوى به جميع دول المجلس، ويفتح أمامها مسارات وخيارات كثيرة هي جوهر الاتحاد وسر قوته، وإذا كانت شعوب المنطقة تتطلع إلى مزيد من التواصل والارتباط، فإنها ستحقق ذلك اقتصاديا وتنمويا وخدميا واستثماريا وأمنيا وعسكريا دون أن تتأثر بغياب السلطنة، والتي نأمل أن يظل الباب مفتوحا لها مستقبلا، في حال أقر الزعماء الاتحاد، ومضوا في توثيقه، وجعله أمرا واقعا يفيض بخيره على الشعوب الخليجية، ويمنحها القوة التي تطمح إليها، فذلك خيار مستقبل إن لم يكن حاليا فهو للسنوات المقبلة، حيث تتعزز الحاجة إليه.