ماذا نريد لتعليم الصغار
يشتكي كثير من الأهالي صعوبة التعامل مع أطفالهم فيما يتعلق بالواجبات المنزلية، وشكواهم تعبر عن الطرفين الأطفال والأهالي، ويتساءلون دائماً عن جدواها والفائدة المرتقبة منها مقابل ما تسببه للأطفال من ازعاج لأنها تكبل حرياتهم في منازلهم، وتأخذ كثيراً من أوقات الأهالي وأموالهم في حال لو اعتمدوا على مدرس خاص يعاون الأبناء على حل الواجبات، وهو أمر يستهلك وقتاً لا يقل عن ساعة أو اثنتين أحياناً، وهذا يعني انقضاء بقية النهار في جلسة لا تختلف كثيراً عما هي عليه في المدرسة، والفارق بينهما هو إعلان الطفل عن تمرده على تلك الدروس بشتى الطرق، وهذا هو الحق الوحيد الذي يمارسه في بيته بحرية.كان يفترض أن يكون نظام التقييم المستمر أحد طرق التطوير في التعليم، ولكنه تحول إلى طريقة تسيء أكثر مما تنفع، لأنه لم يطبق بأمانة تامة ولا ببذل المزيد من الجهد، فصار وسيلة للراحة وللتخفيف من الأعباء عند الكسالى من المعلمين وحول هذا جاءت فكرة إلغاء الواجبات المنزلية، وقد حصدت الفكرة تأييد الأغلبية في مؤتمر لجمعية المعلمين والمحاضرين في بريطانيا، حيث طرح أحد الأعضاء فكرة إلغاء الواجبات المنزلية لأنها تضر بعلاقة الوالدين وأبنائهم، وتضيع كثيراً من الأوقات للطرفين دون جدوى، ويقول صاحب الفكرة: إن المعلمين ليسوا مرغمين لإعطاء تلاميذهم واجبات منزلية، ولكنهم يضطرون لذلك. وهذه حقيقة، فالواجبات أصبحت كعرف تعليمي لا تتم العملية التعليمية إلا به رغم أن طريقة أدائها لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أرى في مدارسنا وعند أطفالنا في المرحلة الإبتدائية، لأنها تؤدى خوفاً وليس رغبة وهذا يمتص أثرها الإيجابي، وأرى أن الأنسب هو إضافة الوقت الذي تتطلبه تلك الواجبات في المنزل إلى ساعات الدوام الرسمي للطالب، والاستفادة منها في تكثيف التطبيقات التعليمية للدروس كجزء من متطلبات اليوم الدراسي وبالطريقة الأنسب للتعلم، وفي الوقت نفسه لا تجعل منها عبئاً على وقت الطالب في بيته ولا على أهله. وهذا ما تفعله بعض المدارس الخاصة التي تمارس التعليم بشكله الصحيح أثناء ساعات الدوام الرسمي، وقد تكلف الطالب ببعض الواجبات التي لا تحصر بين الورقة والقلم، وإنما بأساليب محببة ومشجعة على البحث والتعلم بما هو متصل بالمادة التعليمية بطريقة غير مباشرة، ولا شك أن هذه الطريقة ذات مردود إيجابي ليس على عملية التعلم فقط ولكن على شخصية الطالب أيضاً. ولا يغيب عن الأذهان الفرق بين الواجب التحريري والمذاكرة العامة التي يحتاجها الطلاب في المراحل المتقدمة المتوسطة والثانوية. إن نظام التقييم المستمر لم يؤخذ بجدية من جميع المعلمين، ولهذا رموا بثقل العملية التعليمية على الطالب في المنزل من خلال الواجبات فقط، وأغلبهم لا يتعامل معها بما تستحقه حين يقدمها الطلاب في اليوم التالي، فتبقى أخطاء الطفل بلا معالجة في الوقت الذي يكون فيه المعلم قد اتخذ تدابيره الإجرائية مع إدارته حين يقدم ما يثبت أنه قام بواجبه من الناحية الورقية فقط والتي هي للأسف مقياس العطاء اليوم، وقد وجد فيها المعلم غير المخلص مخرجاً له، ولهذا ضعفت مخرجات المرحلة الأهم في العملية التعليمية، وتبع ذلك ضعف ما يبنى عليها فيما بعد خلال المراحل الأخرى.كان يفترض أن يكون نظام التقييم المستمر أحد طرق التطوير في التعليم، ولكنه تحول إلى طريقة تسيء أكثر مما تنفع، لأنه لم يطبق بأمانة تامة ولا ببذل المزيد من الجهد، فصار وسيلة للراحة وللتخفيف من الأعباء عند الكسالى من المعلمين الذين وهم ليسوا قلة كما نرى ذلك من مستوى الحصاد. فهل سنرى قريباً تغيراً في أحوال التعليم الإبتدائي؟.