نجيب الزامل

هل تريدون الالتحاق بنادينا؟

كان طابور الانتظار طويلاً في مطعم إحدى الشركات الشهيرة العالمية، والناس متراصين في ردهة الانتظار الضيقة. ودخل المطعمَ رجلٌ كبيرٌ بالسن مع زوجته التي تعتمد عصا للمشي. جاء النادل ونادى على شاب وشابة، يبدو أنهما عريسان جديدان، ولكنهما استأذنا الحاضرين وأدخلا مكانهما الرجل المسن وزوجته، وقال الشاب له: «حيّاك يا بوي». احتج بعض الحاضرين، فما كان من الشابين إلا أن قالا بأدب: «هو دورنا، وأعطيناه احتراما للرجل الكبير وزوجته، ونحن على استعدادٍ أن نعود لآخر قائمة الانتظار». وبالفعل هذا الذي حصل، تقدمتُ للشاب للتعرف عليه إعجابا.«حيّاك» كلمةٌ جميلة، وقعها على الأذن جميلوفي البحرين، في شارع باب المنامة، من الصعب أن تجد موقفا لسيارتك، فالشارع شديد الضيق وشديد الازدحام، وتقع فيه البنوك الكبرى والفنادق، وخلفه السوق الشعبي المرغوب لكثيرٍ من الناس، وأنا منهم. وهناك أمرٌ آخر، إن وجدت موقفا، فعادة ألا تجد لديك قطعة نقدية معدنية من فئة المائة فلس؛ لتضعها بساعة التوقيت على الرصيف؛ حتى لا تُجازى بمخالفة أو تُقطر سيارتُك، وجدت موقفا، وهذا من المعجزات في فترة الصباح المتأخر، ولم أجد بجيبي -طبعا- قطعة النقد.. يلاحظ أحد المشاةُ اضطرابي، فعرف الموضوع، وتناول من جيبة قطعة النقد المعدنية، ووضعها بساعة التوقيت، قائلا: «حيّاك». ولم ينتظر حتى الشكر، منطلقا سريعا في مشيته.. ولحقتُ به.وجئت لمبنى مقر سكني بالبحرين، وهنا "أم الأدب"، ووجدتُ كرتونةً معلقةً ومكتوب عليها بالخط العريض الأحمر: "آسف اضطررتُ لإيقاف سيارتي هنا لعدة ساعات للضرورة، «حيّاك» للتفاهم، وهذا رقم هاتفي، وأنا لا أعلم، ولن أعلم في الأصل أنه أوقف سيارته في مرآب سيارتي المفتوح، لولا أنه هو الذي أقرّ بذلك.  تصوروا لو اعتمدنا في مجتمعنا هذه الروح، روح «حياك». فتدخل إلى الدائرة الرسمية وتجد الموظفين يستقبلونك باشّين قائلين: «حياك». وبما أني الليلة ضيف عند المجلس البلدي في لقائه العام مع الناس، فأرجو أن يكون الشعار «حياكم».لن أنسى أن أقول لكم، إن علاقتي توطدت مع صديقي المهندس عبدالرحمن الشاب في المطعم، ومع المحاسب حسين الذي وضع لي قطعة النقد، والأخ سمير رجل الأعمال الذي أوقف سيارته في مرآبي. ورتبت اجتماعا لنا،  كان بودي أن أسميه "اجتماع نادي أصدقاء حيّاكم". «حيّاك» كلمةٌ جميلة، وقعها على الأذن جميل، ولا تخرج إلا من أصحاب القلوب الجميلة، والأخلاق الجميلة. سؤال: أتريد الالتحاق بنادينا؟