د. أمل الطعيمي

يومنا العالمي لا نريده

تهانينا، بالأمس كان يومك العالمي أيتها المرأة.في الثامن من شهر مارس الذي حدد كتقليد عالمي، يبادر بعضنا إلى التهنئة بهذا اليوم، رغم أننا لا نحتاجه، فهو لا يضيف شيئا لقيمتنا، ولا يصحح بعض أوضاعنا، ولا يداوي أوجاعنا؛ فهو مجرد رمز شأنه شأن بعض الأمور الأخرى المتصلة ببعض التنظيمات أو الكائنات الحية الأخرى من الحيوان والنبات فقط، حين خصصت لهم أيام رمزية وربما أسابيع من أجل تذكرهم والحث على الاهتمام بهم، هو كيوم السلام ويوم الجمارك واليوم العالمي لمرض الجذام ويوم الدفاع المدني والبيئة والطفل والشجرة وغير ذلك كثير جداً، فأين نحن من هذا كله؟! الحقيقة انه يشكل إساءة أكثر منه تكريماً؛ لأن بعض الخصوصية التي جاءت من تلك الأيام بشكل عام ما هي الا محاولة لتعويض النقص الشائع من الجميع، أو ربما للتعريف به وتسليط الضوء عليه لأنه يفتقر للاهتمام والعناية به، فأين موقعنا من هذا كله؟! ربما كنا نحتاجربما نكون بحاجة إلى تصحيح في الأوضاع واستعادة الحقوق ولكن ما أثر هذا اليوم؟ وما قيمته بالنسبة لنا؟إلى تصحيح في الأوضاع واستعادة الحقوق ولكن ما أثر هذا اليوم وما قيمته بالنسبة لنا، وبخاصة نحن الذين ندين بالدين الإسلامي، فعندما بدأ العالم يحتفل بذلك اليوم في الاتحاد السوفيتي كان ذلك في إطار ثورة العاملات على عبودية المطبخ ليسقطن المفاهيم الخاطئة فيما يتعلق بعمل المرأة في منزلها أوالنظر إلى المرأة كمواطن من الدرجة الثانية. وإذا كانت تلك هي نقطة الانطلاق للاحتفاء بذلك اليوم فما حاجتنا له؟ وقد جاء تكريمنا من لدن العزيز الحكيم ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى، ولكن القوم اعرضوا عنه في كثير من العموميات، فما بالكم بالخصوصيات التي تناولت أدق تفاصيل حقوق المرأة حتى في تفاصيل خدمة المرأة لبيتها وزوجها وأبنائها، فلم تجعل منها سوطاً يسلط على روحها قبل جسدها ولكن الثقافة الاجتماعية الموروثة منذ العصر الجاهلي والمتأثرة فيما بعد بنظرة الأديان الأخرى المحرفة للمرأة، والتي كانت أشد سطوة وتأثيراً جعلت أقواما من العرب والمسلمين يضيقون عليها الخناق في أحق حقوقها الواجبة لها، خاصة وأنها لا تتعارض مع الواجبات المطلوبة منها، أذ إنها حقوق منحها الله عز وجل إياها في كتابه الكريم بأسلوب الأمر الواضح والمباشر، ومع هذا كانوا يصدون عنه صدوداً عجيباً يتعارض تماماً مع ما يظهرونه من الاهتمام بأمور أخرى. فإذا قيل لهم إن قانوناً للأحوال الشخصية يكفل حق المرأة هو ما نحتاجه حدثونا عن حرمة القوانين الوضعية وأثرها وخطورتها على الدين!! وكأن القانون سيتعارض مع ما منح لنا من رب السماوات والأرض!! إن التفريط الحاصل في حقوقنا هو تفريط بكثير من تفاصيل القرآن الذي أخذوا منه ما يناسبهم، وتركوا وسكتوا عما لا يناسبهم اذ انهم في الواقع يخافون منه، ثم يدعون من باب الاستخفاف بنا أنهم يخافون علينا!! انظروا بتأمل إلى قوله تعالى (هو الذي انشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) تأملوها جيداً ولكم أن تتساءلوا عن المعاني العميقة في الجزء الأخير من الآية وماذا فعل الذين يفقهون؟ وماذا فهموا من قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) و(فلا تبغوا عليهن) و(ولا تضاروهن) و(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) و(فانفقوا عليهن)، أين هذا كله مما يحدث في الواقع مع نساء استنزفت أعمارهن في أروقة المحاكم وهن معلقات، فلا إحسان في التعامل معهن، لا مع رجالهن الأقارب، زوج أو أب وأخ، ولا مع القائمين على تنظيم الأمور، اضافة لمطلقات حرمن من التواصل مع أبنائهن بلا وجه حق، بل حرمن ظلماً وتنكراً لتعاليم الدين، وإذا كان الأبناء في حضانتها حرمت من النفقة واختير لها أن تتسول لتطعمهم إن كانت غير ذات عمل. أما رسول الله فقد كانت سيرته وخلقه القرآني يفصل لنا تفاصيل دقيقة جداً في معاملة المرأة كما أمر القرآن الكريم. فأين نحن من كل هذا؟!! حين نفرح بيوم رمزي لا يقدم ولا يؤخر ونعرض عن الأوامر والنواهي القرآنية والمحمدية التي تلطفت بالمرأة وأحسنت إليها بما يفوق التصور وبما يتفوق بالتأكيد على كل القوانين الوضعية التي يتخيل بعضهم أننا نريد التسلح بها!! كيف وقد قدم لي ربي كل ما أريده ولكن بعضكم يحجر عليه!! إن الذي يصدق القرآن قولاً عليه أن يصادق عليه بالفعل، أما أن تصدق ببعض وتعرض عن بعض فهذا هو الجور البشري الذي يعيدنا إلى ثقافة سادت ولم تبد في كل العقول، فقد ظل بعضهم يؤمن بها ويطبقها حتى اقتربوا من تساؤل عما قبل الدين، نقله لنا القرآن الكريم (أيمسكه على هون أم يدسه في التراب)؟!إن ما نريده اليوم هو تنفيذ أحكام القرآن بالدقة والتفصيل التي بينها الله لقوم يفقهون. فأين هم؟ ليخرجوا كما أمر سبحانه من دائرة الوصاية عليها إلى التوصية بها كما عبر نبي الأمة في آخر توجيهاته لأمته.