بنت الشرقية
يوم الثلاثاء 18 من شهر مارس الجاري كان يوم الاحتفال الذي أقامته جمعية الملك خالد ليقوم الفائزون الثلاثة بجائزة الملك خالد لشركاء التنمية باستعراض تجاربهم وقصصهم، بل ملاحم وصولهم أمام الرأي العام، ليتأكد الناس من أحقيتهم بالفوز ضمن آلاف المتقدمين، وليكونوا قدوة بنقل مباشرٍ حيٍّ لكل الشباب، بل لكل شخص ليبدع، وأن يتجرأ في إظهار ابداعاته وابتكاراته. شابةٌ كانت ترسل لي كتاباتها بانتظام وأحثها على النشر وترفض وتخاف، وراحت محاولاتي بإقناعها هباء. قمتُ بنشر مقال لها باسم مستعار، وحقق المقالُ أكبر عدد من التفاعلات والقراءات على كل ممتهني ومحترفي الكتابة في تلك الجريدة، طبعاً، عزّ عليها أن ترى نجاح المقال بغير اسمها، وهنا اشتغل المولدُ الصامتُ إنتاجا ظاهراً، وأمست كاتبةً ينتظر مقالاتها الناس. هذه الفتاة، كانت بطلتي الرابعة مع الأبطال الثلاثة الذين فازوا بالجائزةبينما نجح شاب من الدمام أن يكون أيقونة حفل جائزة الملك خالد وهو الشابُ الكفيفُ «محمد سعد» لابتكاره المبهر بقائمة الطعام المكتوبة بلغة برايل، كما أنه برأيي أظرف مخلوقٍ بالأرض. لم يتردد محمد بل كان دوما شجاعا بإبهاره، حتى أن زميلي بمجلس إدارة الجائزة رجل الأعمال عبدالعزيز العثيم، كأني رأيته يمسح دمعة فخر ومحمد يتكلم بعفويته أمام الناس.ولكن «بنت الشرقية» التي احتلت هذا العنوان بجدارة هي الفتاة التي سأحدثكم عنها.. ثم نستنتج معا كيف أنها في دقائق حققت كثيرا مما نحلم به من أي مواطنةٍ، ومن أي مواطن. قامت الفتاة، وتكلمت بشجاعةٍ وبصوتٍ حماسي مليءٍ بالعاطفة والإعجاب قائلة: «أنا لتوي وصلت الشرقية وجئت لأرى وأتحدث مع الفائزة، صاحبة مشروع تروشيه». ومشروع «تروشيه» لمع برأس فتاة من جدة منذ ثلاث سنوات، وكنت من الذين قالوا لها: «أرى أن طموحك رماك بعيدا يا ديانا» فإذا مشروعها يكبر، بل ويحقق جائزة الملك خالد، وجائزة عالمية بالمرتبة الأولى في أمريكا، وهو عبارة عن تجميع أكياس البلاستيك أكبر مهددات البيئة ثم غسلها ونشرها وتطهيرها لتغزل خيوطا ثم يصنع من هذه الخيوط الأثاث الصلب إلى كرة الضغط اليدوية الاسفنجية الطبية.وتتابع فتاة الشرقية بصوتها الحماسي: «إني مليئة بالفخر بإنجازكن وأحبكن كبناتٍ من بلادي، وافتخر بكن، وأود أن أنسق معكن لنقل تجربتكن للمنطقة الشرقية» وصفق لها الجمهور بحرارة، ولما سألها أحد المحكمين عن اسمها رفضت بأدب راقٍ أن تُعلن عنه. هذه الفتاة، كانت بطلتي الرابعة مع الأبطال الثلاثة الذين فازوا بالجائزة، فهي حققت روح المحبة والفخر بأي منجز، ولم تكتف بل تريد نقله لمنطقتها التي تحبها، وهذا عنصر أول. وهي اشارت لنفسها من الشرقية ولكن اعتزت بقوة ببنات مثلها لأنهن منجزات، ولأنها ترتبط معهن برباط واحد هو كل الوطن.. وهذا عنصرٌ ثان.وهناك شيء يقوله علماء النفس: «إن من الناس من تكون المحبة والفخر بالآخرين صعباً عليهم، وهناك أناس منيرون يرون المحبة تجري بهم سهلة، والثناء للغير يتحول عاطفة بادية وصوتا حماسيا». وهذا العنصر الثالث الذي حققته بنت الشرقية، محبة الآخرين والثناء عليهم.رفضت أن تعلن عن اسمها، فسماها الحاضرون.. بنت الشرقية.