الدمام

ارتفاع درجة الوعي والثقافة ساهم في الاهتمام بالاستشارات الإدارية

الاستشارات الادارية كوسيلة مساعدة في احداث التنمية الادارية بجميع اشكالها وانواعها، من أهم الموضوعات التي تحتاج الى عناية خاصة ودفعة كبيرة من الجهات المعنية سواء كانت حكومية او غير ذلك لدورها الكبير والبارز في احداث التنمية والتطوير للقدرات الادارية من اجل تحقيق التنمية الشاملة.ويعتمد العمل الاستشاري اساسا على توجيه الجهود نحو دراسة مشكلة قائمة او متوقعة وتقديم الحلول التي تساهم بشكل فعال في معالجة تلك المشكلة. وقد برزت الحاجة للاستشارات الادارية مع بروز التقدم التكنلوجي.كما ان التطور التكنلوجي قد زاد من اهمية الاهتمام بالتخصصات المختلفة، واسهم اسهاما كبيرا في توسيع حجم المنظمات، الامر الذي ادى الى ضرورة الاستعانة او الاعتماد على خبرات المستشارين.كما كان لهذا التطور التكنلوجي المتجدد مساهمة فعالة في ايجاد او بروز اوضاع جديدة ومعقدة في القطاع العام، مما استدعى اعادة هيكلة المنظمات واللجوء الى الخبرات الفنية المتخصصة لمواجهة التغيرات السريعة والمتجددة.وفي لقائنا بالدكتور عادل بن احمد الصالح مدير البحوث والاستشارات بمعهد الادارة العامة بالشرقية ومنسق الجودة في المعهد نلقي الضوء على الاستشارات الادارية من حيث الواقع والمأمول حيث يقول: بان من العوامل الاخرى التي ساهمت بشكل كبير في الاهتمام بالاستشارات الادارية ارتفاع درجة الوعي والثقافة لدى فئة العاملين بجميع فئاتهم من خلال الاتحادات والنقابات التي اخذت تتفاوض باسمهم وتطالب بحقوقهم، مما كان له اثر في تغيير سياسات المنظمات الادارية لتحقيق رضاء عملائها الداخليين والخارجيين من خلال دراسات استشارية متخصصة.الاستشارة الإدارية@ ما الاستشارات الإدارية؟ـ عرف المعهد الاستشاري بالمملكة المتحدة الاستشارات الادارية بأنها (خدمة مقدمة من شخص او عدة اشخاص مؤهلين ومستقلين لتحديد وبحث المشكلات المتعلقة بالسياسات العامة والتنظيم والاجراءات والاساليب، ووضع التوصيات العلمية المناسبة، والمساعدة في تنفيذ هذه التوصيات). كما عرفها بلاك اند موتون بانها علاقة طوعية ومؤقته تقوم بين شخص مؤهل هو المستشار الذي يقدم الخدمة وبين مستشير يحتاج الى تلك الخدمة. وتكون خدمة المستشار موجهة لحل مشكلة قائمة تؤرق المستشير، كما قد تكون مشكلة يتوقع حدوثها، وعرفتها جمعية مهندسي الاستشارات الادارية الامريكية وهي اول جمعية متخصصة في مجال الاستشارات الادارية في الولايات المتحدة الامريكية، تأسست عام 1933م، بأنها محاولة منظمة بواسطة اشخاص مدربين، وذوي خبرة، لمساعدة الادارة المنظمة في حل مشكلاتها، وتحسين عملياتها (أعمالها) بواسطة تطبيق حلول موضوعية مرتكزة على معلومات متخصصة، ومهارات وتحليل منظم للحقائق. وعرف الاستشارة الادارية الدكتور هلال العسكر (بأنها خدمة تقدمها جهة استشارية متخصصة للمستفيد لمساعدته على تذليل الصعوبات او حل المشكلات التي تعوقه عن اداء عمله بكفاءة، وتلجأ اليها الجهة المستفيدة ـ في الغالب ـ عندما تعجز عن تحقيق بعض اهدافها لاسباب اجرائية او تنظيمية او سلوكية لاتعرفها، او انها تعرفها ولكنها لاتعرف كيفية حلها او تعرفها وتعرف كذلك كيفية حلها ولكن لاتتوفر لديها القدرة على القيام بذلك. او انها تعرف الاسباب ولديها الحلول والامكانات اللازمة للتنفيذ، ولكنها لاترغب تطبيق حلولها تلمسا للحياد والموضوعية). ومن خلال تلك التعريفات التي قدمها الدكتور الصالح يمكننا تعريف الاستشارة الادارية بأنها نتاج لتفاعل متعدد المراحل والابعاد بين طالب الاستشارة (المستشير) والقائم على دراسة او بحث الطلب (المستشار) وتتميز بعدم الزاميتها للجهة المستفيدة في جميع مراحلها وجوانبها، ويعتمد نجاح الاستشارة الادارية وجدواها على قبول طالب الاستشارة من خلال اسلوب عرض الاستشاري ومقدرته على اقناع الجهة المستفيدة بتطبيقها وقبولها.انواعها ومجالاتها@ انواع الاستشارات الادارية ومجالاتهاـ الاستشارات الادارية هي تلك التي تتعلق بمختلف الجوانب الادارية في المنظمة، كالاستشارات التنظيمية، اعادة التنظيم، وتبسيط الاجراءات وطرق الاداء، وتحديد الاحتياجات التدريبية، ومراجعة اسس وقوانين الاختيار والتعيين، وعلاقات المنظمة بمختلف الاجهزة الادارية الاخرى سواء كانت عامة او خاصة.الاستشارات الفنية وهي تتعلق بالمعدات والمباني والتجهيزات والانتاج وطرق تحسينه فنيا وغير ذلك. وتصنف الاستشارات الادارية وفقا لمصدرها حيث تتم الاستشارة بواسطة مستشار داخلي او الاستعانة بمستشار خارجي سواء كان من نفس الدولة او خبير في دولة اجنبية.وقد تتم الاستشارة من قبل مستشار (شخص) او من قبل مجموعة من المستشارين، سواء في صورة مجموعة متجانسه او مجموعات منفصلة تنتمي كل منها الى تخصص منفصل او بين خبرة منفصلة. ويمكن تصنيف الاستشارات الادارية على اساس وظيفي في الانتاج والتمويل والتوزيع والترويج وغير ذلك.مصاعب ومشاكل@ ما الصعوبات التي تواجه الاستشارة؟ـ المشكلة الرئسيسية تكمن في الصعوبات التي تعترض تنفيذها ومنها:ـ عدم الدقة في تحديد الغرض من الاستشارة واهدافها.ـ صعوبة الحصول على المعلومات الرئيسية للمنظمة وذلك لعدة اسباب كالخوف او تعمد بعض الموظفين اخفائها لاسباب خاصة بهم.ـ اختلاف القيم بين المستشار والمستشير.ـ صعوبة الاتصال بين المستشار والمستشير وقد يكون ذلك بسبب اللغة او المستوى الاداري.ـ مقاومة توصيات المستشار من قبل الافراد في المنظمة وذلك لعدة اسباب كادارية او علمية وغير ذلك.ـ اعتبار توصيات المستشار حلولا مثالية وغير قابلة للتطبيق اي انها نظرية بحته.ونستخلص مما سبق ان فعالية وجدوى العمل الاستشاري يتعلق بطبيعة الاستشارة واسلوب اجرائها وبالبيئة المحيطة بها من ادارية واقتصادية واجتماعية. ويمكن حصر العناصر التي تؤثر في مستوى فعالية الاستشارات الادارية على المستشار الاداري ما يلي: والمستشير او العميل، والجوانب التنظيمية والفنية واسلوب اجراء الاستشارة، وسلوكيات العمل الاستشاري.واقع الاستشارات@ ما واقع الاستشارات الإدارية؟ـ مما يلفت النظر انه في الوقت الذي اصبحت الاستشارات الادارية تحتل محل الصدارة في الدول الصناعية الا انه ومن المؤسف انها لم تأخذ نصيبها من الاهتمام في الدول النامية بشكل عام وفي الدول العربية والاسلامية بشكل خاص، بالرغم من اهمية النصح والمشورة في تراثنا الاسلامي والعربي المتمثل في قوله سبحانه وتعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) ويقول العرب (لاخاب من استشار). ويعتقد بعض المهتمين في هذا المجال ان من مسببات هذا الواقع المخيب للاستشارات الادارية في البلاد العربية الى ما يلي:اولا: عدم وضوح طبيعة العمل الاستشاري.ثانيا: عدم التفريق بين البحث العلمي والاستشارة.ثالثا: عدم معرفة الجهة المستشيرة بآليات العمل الاستشاري.رابعا: عدم التكامل بين الانشطة المختلفة.خامسا: عقدة الخبير الاجنبي.سادسا: ارتباط التطوير الاداري بالقيادات العليا.سابعا: قصور دور المؤسسات التجارية.ثامنا: التغيير السريع في الاهداف والاستراتيجيات في المدى الزمني القصير.تاسعا: محدودية الكوادر الاستشارية المؤهلة والمدربة.@ ما المأمول في تطوير الاستشارات الإدارية؟ـ هناك الكثير من التغييرات التي يجب ان نأخذها في الاعتبار عند الرغبة في تطوير الاستشارات الادارية والتطلع الى مستقبل مشرق لها لتحقيق تنمية ادارية حقيقية في جميع جوانبها واشكالها. ومن اهم تلك التغييرات مايلي:اولا: ان تكون هناك استراتيجية عربية للتنمية الادارية تتماشى مع حاجات التنمية الوطنية في الدول العربية في جميع مراحلها وتكون بمثابة مرجع اداري متكامل للفكر الاداري العربي على ان تتوائم وتتوازن مع دوافع الاصالة ومتطلبات التنمية الشاملة. ولابد لهذه الاستراتيجية ان تستمد اولوياتها من واقع الادارة العربية وتحسس مشكلاتها.كما يجب الاستثمار في تنمية المستشارين الاداريين العاملين في مؤسسات التنمية الادارية في الدول العربية كعقد المؤتمرات وعقد ورش عمل خاصة لتنمية قدراتهم وتحسين ادائهم في مجال العمل الاستشاري.ثانيا: العمل على رفع شأن مهنة الاستشارة الادارية وتنمية ثقة المستشير بالمنظمة من خلال نشر الوعي بين المنظمات بأهمية الاستشارات الادارية في تحقيق التنمية الادارية وايضاح العلاقة بين المستشار والمستشير ودور كل منهما لزيادة الثقة المتبادلة بينهما لتحقيق الاهداف المشتركة بكفاءة عالية.ثالثا: من الضروري ان تقوم المكاتب الاستشارية في الوطن العربي بالاهتمام بالكوادر الاستشارية وذلك بان تعمل على تدعيم مكاتبها الاستشارية بتعيين الموظفين المؤهلين فيها، ثم بتوفير التدريب المستمر لتنمية قدراتهم ومهاراتهم على اساليب العمل الاستشاري الحديثة، لكي يتم تكوين قاعدة من الاستشاريين العرب في كافة التخصصات ليقوموا بدورهم في تقديم استشارات ادارية ولابأس من اشراكهم في العمل مع خبراء اجانب من ذوي الكفاءات العالية عند الحاجة لتطوير مهاراتهم خلال الاحتكاك بالخبراء الاجانب والعمل معهم جنبا الى جنب.رابعا: العمل على ايجاد علاقة تعاون وتنسيق في الاعمال بين المكاتب الاستشارية في البلاد العربية والشركات الاستشارية الاجنبية والاشتراك معا في تنفيذ دراسات واستشارات مشتركة، خصوصا في الاستشارات الكبيرة التي تحتاج الى تخصصات متعددة، وخبرات عالية. ويحقق هذا النوع من التعاون عدة مزايا كاتاحة الفرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين المكاتب الاستشارية في الوطن العربي والاجنبية. وتمكين مكاتبنا الاستشارية العربية من تنفيذ الاستشارات التي لاتستطيع القيام بها بمفردها وتزويدها بالخبراء من ذوي التخصصات العالية التي قد تحتاج اليها.خامسا: العمل على ايجاد آلية لتوحيد جهود المكاتب الاستشارية الصغيرة في كل دولة عربية على شكل شركة استشارية كبيرة لتوحيد جهود وامكانيات تلك الشركات لتمكنها من الحصول على عقود استشارات كبيرة من خلال توفير الموظفين المؤهلين وتنوع التخصصات التي تستطيع القيام بأداء مهامها الاستشارية بكفاءة عالية.سادسا: ليتجنب الفريق الاستشاري ان يحفظ جهد الاستشاري في ادراج المكاتب دون تطبيق. يجب ان يسعى الفريق الاستشاري على ايجاد حلول وتوصيات قابلة للتنفيذ والتطبيق للجهة للمستشيرة وان تكون مقبولة من قبلهم. كما يجب على الفريق الاستشاري ان تكون توصياته ومقترحاته للدراسة الاستشارية في حدود امكانيات المستشير وان تتم مناقشتها وقبولها مع الجهة المستفيدة او المستفيدين من الخدمة للحصول على دعمهم في تطبيق او تنفيذ الاستشارة، حيث ان دعمهم يعتبر عاملا اساسيا في تنفيذ ونجاح الاستشارة الادارية.سابعا: لابد من توافر التنسيق والتعاون بين اجهزة الاستشارات الادارية وبين كليات الادارة بالجامعات المختلفة لدمج الخبرات الاكاديمية والخبرات العملية ولتتمكن الجامعات والكليات من التعرف عن قرب على المشاكل الادارية التي تعاني منها المنظمات لتكون مادة محفزة للبحث والتدريس في الجامعات والكليات.