د. أمل الطعيمي

مشاهدات وآراء - 11

 تخيل لو أنك مضطر لطلب البطاقة الشخصية من كل شخص يهاتفك، لأمر ما أو يتعامل معك في موقف عابر!! لا شك أن الحال سيغدو صعباً. ما هذا.. ألا يمكن أن نمنح ثقتنا للآخرين بسبب بعض المرضى؟ أكثر من مرة يتصل بي أشخاص بحجة حوار صحفي أو الترتيب لمحاضرة أو التعليق أو طرح بعض الأفكار، ومن حق كل قارئ أن يعامل باحترام وتقدير، حتى يثبت العكس، وهذا العكس صرت أفاجأ به من وقت لآخر؛ حين يتصل أحدهم وتساورني الشكوك حول صدقه حين تصدر عبارات وكلمات خاطئة، لا تدل على شخص له علاقة بالفكر ولا بالثقافة ولا المحاضرات، مثل: ألا يفرق بين كتاب تجمع فيه المقالات، وآخر تجمع فيه القصائد، فيسمي الاثنين ديوانا!! فإذا مررت بعض الأخطاء بداية حتى لا أبدو متعالية أو مسيئة للآخرين وقليلة الذوق، لا أستطيع أن أمرر الباقي، فأعبر في النهاية عن استيائي وشكوكي وأطلب إرسال ما هو مطلوب عبر البريد، وهنا تكون المسألة قد انتهت، فلا بريد ولا غيره،استحضار النوايا قد يكون وبالاً علينا، فنخسر به الكثير في الدنيا والآخرة، وقد يكون خيراً كثيراً يزين صحائفنا ويظلل علينا يوم لا ظل إلا ظله لأن الطرف الآخر إنسان غير سوي!!  وأندم على أني لم أكن قليلة ذوق وأندم على أني لم أتعال على بعض الشخصيات المريضة فعلاً، والتي لا نعرف ماذا تسول لهم أنفسهم ليسئوا لنا بطريقة أو أخرى!! فبعضهم لا يتوانى عن فعل أي شيء مباشرة مثل إرسال رسائل شتم مباشرة على الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الاحتفاظ بتسجيل للمكالمة؛ لغرض في أنفسهم!!! ومع أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، إلا أن هذا للأسف يحدث إذا كنا نسبق حسن الظن ولا عزاء للمهذبين. الحسابات التويترية والوسوم (الهاشتاقات) التي تنشأ بأسماء مستعارة؛ لتكون مهمتها صب الزيت على النار في كثير من شؤون سياسات الدول الخارجي منها والداخلي، وتجد من يتابعها بأعداد كبيرة هي واحدة من أسباب القلقلة الاجتماعية، التي تؤثر في الرأي العام، بعضنا يتبين له ذلك، وبعضنا يشعر وكأنه في حفل يستعرض فيه سخافاته وسخريته بلا تثمين لعواقب ذلك التصرف، حتى أخلاقياً على الأقل؛ لأن مثل هذه الأمور صار يتربى عليها جيل كامل من الصغار الذين يحملون تلك الأجهزة ويصدقون كل ما يصلهم من رسائل ولا يميزون بين الخطأ والصواب . أحياناً ينجح الصوت العاقل بكبح جماح تلك التصرفات في مواقع التواصل، وأحياناً لا يحدث هذا؛ لأنها تضمر الشر، والشر يتجمل في عيون الضعفاء، فيمررون الباطل دون مبالاة بعواقب الأمور التي قد لا يرونها؛ لأنها تتطلب بعداً في النظر وهو أمر يحتاج إلى تدرب ومران قد لا ينجح فيه سوى الحكماء من الكبار فما بالك بصغار السن؟! لذا، على كل واحد منا أن يقاوم ذلك الشر المتجمل، فإن لم نستطع أن نقاومه بالرد على كل الإداعاءات الباطلة، فأدنى المقاومة أن نمتنع عن تمريرها الى الآخرين.  (قل إن نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) بعض كبار النفوس يذكروننا دائماً أن نجعل هذه الآية نصب عقولنا وبصائرنا؛ لا أبصارنا فقط، وذلك عند استحضار النوايا الحسنة التي نرجو فيها التقرب إلى الله، فمهما كان الأمر يبدو لنا اعتيادياً وبسيطاً جداً: كزيارة تقوم بها لأحد ما وتستحضر فيها النوايا المناسبة: مثل إدخال السرور على قلب مسلم، أو التخفيف عن عابر سبيل مغترب، أو غيرها من الأمور الأخرى التي نمارسها بشكل يومي متكرر، ولا نفطن إلى تفاصيل الجمال فيها وهو جمال أهدانا إياه الرحمن الرحيم، ومع هذا ننساه أو نتغافل عنه فنضيع قيمة وأثر تلك الهدية. إن استحضار النوايا قد يكون وبالاً علينا فنخسر به الكثير في الدنيا والآخرة، وقد يكون خيراً كثيراً يزين صحائفنا ويظلل علينا يوم لا ظل إلا ظله.