مدينة ترتدي ثياب الحداد
عزيزي رئيس التحريربغداد اسم ما ان يخطر بنا حتى تترادف في الاذهان صورا لمدينة تألقت على مدى حضارات وأزمنة؟بغداد.. مدينة الرمز الذي استقطبت افواج العلماء والحكماء.. ادباء وشعراء لينهلوا من معين فراتها علوما وحضارة!!بغداد.. الخلافة التي اضاءت سماء التاريخ عباسيا على مدى اربعة قرون! لكن.. بغداد لم تكن على امتداد عصورها عروسا تضحك.. بل ان لبغداد ايضا دموعا تبكي وبكت.. غزارا هزائم وانتكاسات اجيال من ورقة صاغها التاريخ باحرف من حزن حين انكسرت بغداد وقد دب الضعف.. بعض ايامها وحيكت بين ازقتها الفتن والمؤمرات.. بكت بغداج علماء ومفكرين قتلوا وصلبوا على ابوابها.. بكت تاريخ وتراث أمة بكاملها.. وقد اغرقه التتار في ماء انهارها ليتحول الى سواد حدادا على مداد الفكر الذي انسكب.. ثم تشربته ارضها في حزن صامت لكن بغداد لا تعرف الهزيمة ففي كل مرة كانت تلملم احزانها لتنهض من جديد قوية وقد تدثرت في ابهى حللها لتثبت للحياة انها الاقوى والاقدر على صياغة مجدها من جديد!!لكن بغداد هذا الزمن وجعها لا يفتأ فقد ارتدت رداء من الحزان اجل احزان عميقة منذ ان اقصيت عن الحياة لثلاثة عقود خلت.. فامتد الوهن الى روحها وهي تطالع عواصم العالم تتلالأ كل عام بتاج الثقافة وفي مقلتيها يسبح الالم.. فلم تعتد الاسر وهي المدينة التي لا تغفو ابدا!!لذا لما لاح لها بريق ظنت انه الحرية سقطت في احضانه تبحث عن ملامحها المفقودة.. فلقد تعبت من الاسر.. وتريد الحياة لكن الحياة تموت.. قبل ان تشهد لحظة الميلاد!!فعادت لترتدي ثياب الحداد!!اجل فبغداد اليوم ام ثكلى فأبناؤها يتساقطون عشرات لتحتضنهم في صمت مثقل بالحزن وقد جفت مآقيها لكثرة ما بكت.. حتى وجهها الجميل امتدت الايادي لتنشب اظفارها وتغتال منها تاريخا انسانيا عريقا وحضارة.. بابل وآشور.لذا عذرا.. بغداد.. فلقد بكيت وتبكين كثيرا.. ولم يبق من ملامحك سوى حزن موغل في القدم..فما ان يأتي الليل، وتصمت الشوارع وتغرق الحواري في عتمة الظلمة حتى يتصاعد الانين.لا عجب.. فبغداد تبكي!!@@ نسيمة عبدالله