دعوة القرآن للحب والسلام
عند تدبرنا معاني كتاب الله الكريم نتوقف كثيراً عند العبادات ونسأل في تفاصيل التفاصيل كل يوم، ونكرر السؤال ونبحث عمن يفتي لنا حتى في قطرة العين، ولا نكاد نتجاوز تلك العبادات لننهل من خير ربنا فيما يتعلق بالمعاملات التي تقربنا من بعضنا، في حياة أراد لنا الله أن نتشارك فيها ونتقاسمها، وعلى الرغم من أن سبل المعاملة قرنت بالإيمان في كثير من الآيات مثل بدء الخطاب بـ (يا أيها الذين آمنوا) أو بأساليب أخرى متنوعة.إن الدعوة للحب والسلام والخير والمودة والاستباق للخيرات في التعامل بين الناس هي دعوة عظيمة جداً في القرآن والسنة، ولكن المؤسف أن مناهجنا الدينية تمر عليها مروراً سريعاً لم يعطها حقها، وكذلك فعل من لهم أصوات مؤثرة في المنابر وغيرها من وسائل التواصل والتوجيه، هذا إن لم يتجاهلوها وينادوا بضدها، ويتجاهلونها بفعلهم وإن نادوا بها بألسنتهم، ذلك لأن صناعة الحب والخير والدعوة لهما أمر ليس باليسير. فمن تدبر الآيات وأنعم النظر فيها بعقله وبصيرته سيجد أن الحب العام للإنسان وللخير وللتعامل الأخلاقي مع كل ما حولنا يتطلب مجاهدة للنفس. ولا عجب فهو الذي يطرد الغل من النفوس وذلك من أخلاق أهل الجنة (ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار) ٤٣ الأعراف. الدعوة للحب والسلام والخير والمودة والاستباق للخيرات في التعامل بين الناس هي دعوة عظيمة جداً في القرآن والسنةإن معاني الحب في القرآن متنوعة بين الدعوة له والتحذير من تجنبه، وجعلة جزاء من جنس العمل في حالة الإحسان بعمل ما أو الامتناع عن عمل ما مثل (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) وقوله تعالى (إن الله لا يحب المعتدين) ١٩٠ البقرة، ومن منا لا يريد الفوز بحب الله ولكن هل نعمل بذلك ومن أجله؟!من هنا يجب أن ننطلق في أحاديثنا ومواعظنا وخطبنا ودروسنا التي فاض كثير منها بخلاف ذلك من اعتداء أو حض عليه!! حتى وصلنا إلى مرحلة خطيرة منه، حينما راح بعضنا يقترح على الله نوع العقوبة التي يريد أن تنزل على الأعداء!! فرغم علمنا الأكيد بأن الله سينزل العقوبة بالمعتدين أياً كانوا إلا أننا نتعجل (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا) ١١ الإسراء. ثم تأملوا قوله تعالى (ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) اقرأها وتدبر معانيها وسترى أي خجل يعتريك مع نهاية الآيات، عندما تتذكر كيف رفعت يدك تطلب ان ينزل عقاباً محددا منك لأعدائك .. يا للعار،، أهكذا نتعامل مع الله ونظن به السوء حين نظن انه لن يعاقب الظالمين المتجبرين في الأرض (ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا) الفتح ٦. إن ما يترتب على الظن السيئ بالله أمر لا يستهان به لأنك سترى سوءة عملك في الدنيا قبل الآخرة.إن لنا في الأيام عبرا ودروسا،، فهلا تدبرنا وعاودنا بث الحب والسلام والنور الذي يريده الله بنا ولنا.إن الجهر بالسوء والظن بالسوء وكيل الشتائم والدعوات تبعدنا عن كل خير يريده الله لنا. أين الذين يريدون الإصلاح والصلاح أين هم من تلك الدعوات الربانية التي لو حققنا شيئاً منها لطابت لنا الحياة وشفيت القلوب وتطهرت الألسن (أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون).