المتطوعون يحرجون «الصحة»
من الجميل أن نرى عملا اجتماعيا مؤازرا يدل على التكاتف والتعاضد، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الصحية، حيث يوجد الكثيرون الذين يحتاجون للدعم والسند في وقت لا تقدم فيه وزارة الصحة الكثير من أجل العبور بنا من محطة قوائم الانتظار الطويلة وتعسر العلاج في مرافق الدولة العامة، رغم حصولها على ميزانيات ضخمة لتأهيل مستشفياتها ومراكزها الصحية، لكن يبقى حصادنا دون المأمول ومستوى الطموح.توقفت أخيرا عند تجربة تطوعية متميزة جديرة بأن نتوقف عندها لما تثيره من أهمية في سياق المشاركة المجتمعية للمؤسسات العامة، وتعزيز صور وأنماط التكافل الاجتماعي، وهي المبادرة المتعلقة بمجموعة كلينك ون الطبية التطوعية التي أطلقت مبادرتها بعنوان "آزر" وهي عبارة عن برنامج يهدف إلى تقديم الخدمات الطبية العلاجية بتخصصاتها المتنوعة مجانا لذوي الدخل المحدود من المواطنين والمقيمين على حد سواء. وقد بدأت المجموعة بتقديم الخدمات اللازمة للحالات التي تعاملت معها على أيدي اختصاصيين مؤهلين من أعضاء المجموعة المتطوعين.في الجانب الصحي نحتاج بالفعل لمثل هذه الجهود التي يمكن أن تقلص قوائم الانتظار من جهة، ومن جهة أخرى تعالج محتاجا يصعب عليه العلاج في المستوصفات الخاصةدور منظمات المجتمع المدني مهم للغاية، ونرى ونقرأ عن تأثير وقيمة ذلك في المجتمعات الغربية بشكل مثير للاهتمام فعلا، ولا أطالب بالاقتداء بها إلا من خلال حيويتها واستمرارها، لأننا أولى بأن نكون القدوة والنموذج. فنحن بحاجة فعلية لها حتى يتكامل دورها مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتحقيق الكفاية اللازمة في كثير من الجوانب، وحين يطلع بمهامها وأدوارها متطوعون فإننا نكسب بشكل مضاعف، فشبابنا بحاجة الى تفريغ طاقاتهم واكتساب خبرات من الحياة، وفي ذلك الوقت يقدمون معروفا وخيرا لمجتمعهم ويزيدون رصيدهم الخيري والإنساني والمعرفي.وفي الجانب الصحي فإننا نحتاج بالفعل لمثل هذه الجهود التي يمكن أن تقلص قوائم الانتظار من جهة، ومن جهة أخرى تعالج محتاجا يصعب عليه العلاج في المستوصفات الخاصة، وحتى تكتمل الفائدة ويعم النفع والخير، نأمل أن تبادر وزارة الصحة الى دعم هذه المبادرات والجمعيات لتضيف اليها ذراعا صحية جديدة يمكنها أن تقدم الكثير - إن وجد الدعم - بعيدا عن البيروقراطية وتحطيم الطموح. لأنه يتوقع أن يفكر البعض بطريقة حرفية في منع هؤلاء المتطوعين من أداء أي دور صحي وعلاجي، رغم بساطته، بحجة أن ذلك خاص بمؤسسات الوزارة في وقت قد يكون من بين هؤلاء مؤهلون علميا وطبيا للممارسة العلاجية، لكنهم أيضا ينتظرون وظائف بالسنوات ربما لا تأتي حتى ينسوا ما تعلموه عن الطب ولا يواكبوا المستجدات فيه.هؤلاء الفتية المتطوعون بحاجة الى المؤازرة والتشجيع بدلا من أي أفكار صادمة ومحطمة لطموحاتهم الخيرية والإنسانية، ووزارة الصحة معنية بأفكار داعمة ومعززة لنشاطهم دون أي تدخلات تحد من ذلك الجهد والنشاط. بل عليها أن تبتكر إدارة معنية بالتطوع الطبي والصحي، وأن تجد بينهم وبين مرافقها صلة تجعلهم أكثر حماسة واستعدادا للعمل التطوعي في المجال الصحي، وأن توفر لهم أدوية يصفونها أو تمنحهم صيدليات متنقلة حين يمارسون أعمالهم. وهناك في الواقع الكثير من المزايا والتطبيقات العملية التي يمكن أن تقدمها الوزارة بعيدا عن أي محاولات للتضييق عليهم، فذلك يفيدها ويكفيها الحرج الذي لم تعد تشعر به من إرهاق المرضى وتجاهلهم وعدم العناية الاحترافية بهم.