مهن القراءة واشكالية مـمارستها في المغرب
شكلت مهن القراءة واشكالية هذه الممارسة في المغرب محور ندوة جمعت ثلة من المثقفين والمفكرين المغاربة نظمها المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب في فضاء مقهى باليما.وافتتح هذا اللقاء الاستاذ احمد شراك الذي اكد على ان الانتقال الى مجتمع قارئ (اقوى بل اخطر من الانتقال الى مجتمع ديمقراطي رغم تواصل هذين الشرطين وترابطهما) باعتبار ان هذا الانتقال يطرح منهجين اساسيين يتمثل الاول في التحليل الرمزي لمسألة القراءة والثاني في التحليل السوسيو اقتصادي.واوضح ان التحليل الاول عادة ما يعني انتشار القراءة وضرورتها ويرتبط بمستوى الثقافة والنتيجة تكون ضرورة توسيع رقعة القراء اما الثاني ـ يضيف المتدخل ـ فهو غائب على الساحة ويفرض تساؤلا جوهريا حول كيفية التعامل معه.وقال ان التحليل السوسيو اقتصادي يتم في اطار ماهو سائد اقتصاديا باعتبار ان الثقافة يجب ان تساهم في التنمية وهذا لن يتأتى الا مع وجود قاعدة واسعة للقراء ملاحظا في نفس الوقت ان الرهان على اربع ملايين او ما يزيد بقليل ممن يحسنون القراءة والكتابة في المغرب يتطلب تجاوز الخطاب المعياري وبذل مجهود لاقناعه بما هو مكتوب وتحويل القراءة لديهم الى متعة حقيقية وحاجة ضرورية.من جانبه رهن الباحث والناشر عبدالرحمن طنكول اشكالية القراءة واللامقروئية في المغرب بمجموعة من المبررات منها ما هو مباشر يرتبط بالسياق الثقافي العام للمغرب وغير المباشر المرتبط في اعتقاده بتكريس تقاليد الاقصاء من طرف القراء من النخبة عن طريق تفضيل كتب دون اخرى واعتماد اسلوب (اقرأ لي اقرأ لك واسكت عني اسكت عنك) واختيار ما يناسب التوجه السياسي والايديولوجي دون فسح المجال الى ابداعات اخرى تميل الى الحياد او الاتجاه المعاكس.ويرى المتدخل ان هذه الممارسة تحرم ابراز طاقات جيدة امكانيات ابداعية متنوعة وتقوم مقام (الرقابة) التي تمارسها سلطة معينة مشيرا الى ان هذا الاقصاء يفتح المجال لمجموعة من الكتاب الذين يتمتعون بسلطة جامعية او جمعوية او حزبية وغيرها.واوضح طنكول ان (مهنة القراءة) اصبحت مهنة قائمة بذاتها في جميع دور النشر وفي المنابر الاعلامية المكتوبة والسمعية البصرية وترتبط في شموليتها بمسألة النشر مشيرا الى ان المنابر والمؤسسات المغربية من جانبها اصبحت تعطيها جانبا من الاهمية من اجل تشجيع القراء وتحفيزهم للاقبال على كل ابداع مكتوب.ورغم ان مهنة القراءة ـ يلاحظ المتدخل ـ لاتنسحب على جمهور القراء الا انها تبقى لها علاقة وطيدة بهذا الفضاء الذي يحتاج الى مراجعة واعادة النظر في بنياته وخلخلتها لوضع الاصبع على مواطن الضعف التي تكتنفها.ولاحظ عبدالجليل ناظم ـ باحث وناشر ـ من جهته ان الكتاب كمعرفة وابداع وتواصل لايخضع لبنية واحدة بل لبنيتين اساسيتين تتمثل الاولى في قطاع الدولة كما هو الشأن في المغرب ومصر (وزارة الثقافة) والثانية في القطاع الخاص.وعبر عن اعتقاده بأن تجربة القطاع العام لم (تعط نتائج ايجابية على مستوى الانتاج لاسباب استراتيجية وقانونية ولم تستطع تحقيق نقلة نوعية على مستوى المقروئية) الا ان القطاع الخاص ـ يضيف ناظم ـ وبالرغم من محدودية امكانياته (استطاع خلق دينامية في المقروئية وتراكما ثقافيا ومعرفيا مهما).واكد على ضرورة اسهام هذا التراكم في تحويل الثقافة في المغرب من مستوى الاستهلاك الى مستوى الانتاج وتوفير البنية السفلى التي يبرز فيها الناشر الذي ـ في تصوره ـ يعد خلقة استراتيجية وقوية في مسلسل الانتاج الثقافي.اما الاستاذ محمد العمري مترجم وباحث في الخطاب البلاغي وناشر فيرى ان ممارسة القراءة تكون عابرة لدى الطالب والتلميذ اذ لم يتلقن مهارات وادوات القراءة الفردية معتبرا ان الكتاب المدرسي يشكل الاساس في غرس الرغبة في القراءة اذا توفرت فيه الشروط الضرورية.وقال ان غرس حب القراءة ونهجها كسلوك يلازم التلميذ يتم عبر مستويات يحكمها اختيار نصوص تتلاءم مع المستوى الفكري والثقافي للناشئة عن طريق ادخال ملحقات ضمن الكتب المدرسية تشمل مختلف الابداعات في المسرح والقصة القصيرة وملخصات لروايات مستوحاة من المتخيل الشعبي المغربي او العربي مؤكدا على ضرورة الاهتمام ليس فقط بمضمون الكتاب المدرسي بل حتى باخراجه وجمالية شكله لتقريبه من التلميذ اكثر وفتح شهيته للقراءة.واضاف من جهة اخرى ان التلاميذ في مختلف اقطار العالم اصبحوا يستفيدون من مدخل حديث للقراءة ويتعلق الامر بالاطلاع على موسوعات او مختارات لباحثين وكتاب متميزين عبر شبكة الانترنت بشكل واسع جدا مشيرا الى ان الموسوعات تلخص وتعطي فكرة لمجموعة من المواضيع الاساسية والمؤلفين وهي ـ في نظره ـ تعد احسن مدخل للمجال الفكري وطريقة ناجعة لتسهيل الاتصال.