من الذي يريدهم؟
هذا سؤال أطرحه على نفسي ومن حولي كلما رأيت تلك الوجوه التلفزيونية التي تتكرر على الناس بالطريقة نفسها مرة بعد أخرى رغم كل ما يقال عنها من كلام أثناء وقبل وبعد تلك البرامج! ولهذا نتساءل من الذي يتذاكى على الآخر؟ أهو المذيع أو المذيعة الذين ينتقلون من قناة لأخرى بالفكرة والأسلوب نفسه. أم القنوات التي تقنع أولئك بأنهم على رأس قائمة الطلب من الجماهير فينتقلون كل عام من قناة لأخرى! وهذا بحد ذاته يمكن اعتباره علامة من علامات الفشل. هذا العام اختارت قناة دبي أن تكون هي محط أقدام حليمة بولند التي لا تملك سوى الجمال. وقد أثار هذا الأمر سخط كثير من الإخوة الإماراتيين ومعهم كل الحق في ذلك فالجمال وحده لا يكفي. كما لا يكفي ذلك التذاكي واقناع الآخرين بالقوة أنه انسان ناجح كما يفعل المذيع نيشان الذي لا يتغير أي شيء في برامجه سوى الديكور، أما الفكرة فواحدة ينتقل بها في كل عام من قناة لأخرى. وأضيف لهما البرنامج الذي كانت تقدمه هيا الشعيبي وطارق العلي ثم طار طارق واستبدل بالجميلة المصطنعة الأخرى وفنان وطفلة غير مستظرفة من أجل استمرار برنامج مسابقات متعب بما فيه من سخافات طفولية؛ بل انها طفولية غير مهذبة فهو يضج بألفاظ السخرية اللاذعة والتصرفات التي لا تبرر أبداً بخفة الظل أو أي شيء آخر. بل إن الأمر يصل أحياناً الى حد أن يتقاذف مقدمو البرنامج بألفاظ يقصدونها ضد بعضهم البعض، ومثل هذه الأمور لا تمر على الكبار الذين يشاهدون حلقة أو أقل مصادفة. أما من توجه لهم هذه البرامج وهم عادة ما بين ١٠ إلى ١٥ فهم يتلقفون كل هذا الهراء الشكلي والقولي ويطبقونه كما هو وبخاصة أولئك الذين يفتقدون التوجيه في الأسرة، ويعتقدون أن هذه النماذج مميزة ولهذا يكرمها المجتمع ويبث برامجها الهزيلة جداً والتي لا تعود بخير أبداً. والحقيقة أن أثرها يسري بطريقة عجيبة وفجأة ترى ذلك الأثر ممتثلاً أمامك في شخصيات المراهقين والمراهقات في لبسهم وماكياجهم وأقوالهم وأفعالهم. في ميوعة مستقبحة أو سلاطة لسان وقحة، وتراها في الخلط بين الهزل والجد في كل الأمور، وفي قتل روح الابتكار والتميز الفردي ونشر فكر التماثل وفعل ما يراه الناس واعتادوا عليه فقط دون تعديل أو تبديل فانتشر التقليد الأعمى في كل شيء حتى ان من لا يفعل كما تفعل تلك أو هذا يحكم عليه بما لا يرضيه. وقد كان أولئك وغيرهم من المشاهير سبباً من أسباب آفة التقليد التي تبدأ بهم وتمتد لأشياء أخرى بعيدة عنهم تماماً؛ بل إن هذا التقليد صار سمة ملازمة لكثير من الناس لدرجة أن بعضهم يخاف من ألا يفعل كما يفعل غيره حتى لا يقال عنه بأنه غير مواكب للتطورات!! هذا الأمر ليس على مستوى الأفراد بل حتى على مستوى بعض المؤسسات وخاصة ذات الإدارات النسائية للأسف التي صارت تخلط بين الشعبي والرسمي والجد والهزل في محاولة فاشلة لإرضاء كل الأذواق وفي كل الآوقات! وهذا ما لا يتحقق أبداً. نحن اليوم بحاجة لرفض هذا الفكر الجمعي الذي يسير الناس في مركب واحد دون مراعاة لأي فروق. وللحديث بقية.