التانجو.. والحاجز الأخير
«نهاية المغامرات.. ونحس مورينيو».. كان عنوان مقالي ليلة مباراة هولندا مع كوستاريكا، مشيراً إلى اعتقادي بأن الفريق الكوستاريكي وصل إلى نهاية طموحاته، خاصة بعد تصريح مدربه عن إلهام المدرب البرتغالي مورينيو له، وقلت: إن سيرة مورينيو كانت نحساً سبق أن جربه مارادونا، حينما قال كلاماً مشابهاً عن مورينيو خلال قيادته للأرجنتين في مونديال جنوب أفريقيا، فخرج بهزيمة رباعية من دور الثمانية، لم يكن كلامي توقعاً أو تنبؤا، بل مجرد حدس فني واجتهاد، وإن كانت الصورة التي ظهر بها الفريق الكوستاريكي أمام هولندا تستحق الإشادة والكثير من الاحترام، خاصة الخروج البطولي من كأس العالم مرفوع الرأس بركلات الترجيح، بعد أن حبس المنتخب الهولندي الكبير أكثر من ساعتين في أرض الملعب عاجزاً عن التسجيل، أو إثبات تفوقه بلغة الأهداف، رغم تفوقه الفعلي في الإحصائيات والفرص الخطرة الضائعة من روبين المتألق، وفان بيرسي المرهق، وويسلي شنايدرالمنحوس، ومن هذه الفرص كرتان ارتدتا من العارضة وكرة أخرى ارتدت من القائم.الفريق الكوستاريكي الذي استحق بجدارة لقب الحصان الأسود في البطولة، دافع بنظام وانضباط ولعب مباراة تكتيكية رائعة ورغم قلة هجماته، فإنهم كادوا يخطفون المباراة بهدف مباغت في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي، وعجز الهولنديون عن كسر التعادل، مما أحرج المدرب الهولندي فان جال وفريق مساعديه، وفشلوا في التوصل إلى حلول لذلك إلا بركلات الترجيح التي تفوق فيها الهولنديون وأفلتوا من المصيدة بفضل حارسهم الاحتياطي كرول المتخصص في ركلات الجزاء.أما عن لقاء الأرجنتين مع بلجيكا، فقد جاء الفوز من هدف مبكر في الدقيقة الثامنة، ويعتبر إحدى الطرائف، فقد قصد دي ماريا تمرير الكرة التي وصلته من ميسي، وهو على حافة منطقة الجزاء إلى اليمين للظهير المتقدم زاباليتا، فاصطدمت بساق أحد مدافعي بلجيكا وذهبت في الاتجاه المعاكس وتهادت أمام هيجواين الذي انتظر باقي المدافعين تعديله للكرة للانقضاض عليه، ولكنه بذكاء شديد سدد الكرة مباشرة نحو المرمى، فتهادت داخله والحارس كورتوا ومدافعيه يتابعونها بدهشة وحسرة.ولم ترق المباراة للمستوى الفني المنتظر، نتيجة عدم إسراف منتخب التانجو في المغامرات الهجومية توفيراً للجهد ولنقص لياقته البدنية، واعتمد على المرتدات ولاحت له عدة انفرادات أهمها لميسي الذي أهدرها برعونة، مؤكداً على عجزه عن التسجيل مرمى حارس أتليتكو مدريد الذي لم يتحقق خلال 6 مباريات في المنافسات الإسبانية ودوري الأبطال والأوروبية.. وكان هيجواين أفضل لاعب في المباراة بسبب الهدف وتحركاته الخطيرة، وقد أضاع انفراداً وسدد في العارضة.. ولم يظهر المنتخب البلجيكي شخصية مميزة في أهم اختبار تعرض له، ورغم جدارة المنتخب الأرجنتيني بالفوز، فلم يقدم ما يستحق أن يرشحه الخبراء للقب، وإن كان لاعبوه ومعهم للمرة الأولى ميسي أظهروا الكثير من الفرح، وهتفوا وغنوا في الملعب من سعادتهم بالعبور للمربع الذهبي، وأتصور أن هذا الحاجز الأخير الذي قد لا يستطيعون تجاوزه، إلا إذا كان لميسي رأي آخر ومستوى آخر بـ «فورمة» برشلونة قبل موسمين،.. وهذا ليس توقعاً بقدر ما هو حدس واجتهاد!بحسب الأرقام والإحصائيات بعد نهاية دور الثمانية تحتل كولومبيا المركز الخامس، وتليها بلجيكا ، ثم فرنسا وتأتي كوستاريكا في المركز الثامن، ولكنها بكل تأكيد تستحق لقب الحصان الأسود في المونديال، وإذا جاز لي اختراع قائمة للحصان الأسود، فأقول إنها تضم خلف كوستاريكا وبالترتيب كل من كولومبيا وبلجيكا وفرنسا وتشيلي والمكسيك والجزائر.