د. أمل الطعيمي

عوج الطاقية

عوج الطاقية الولا وبص ليه وقال كلام في الهواورماه عليه.لا أدري من أي زاوية في الذاكرة قفزت هذه الكلمات إلى مقدمة عقلي عندما رأيت صورة ذلك الرجل الذي تلبس لباس المصلح الاجتماعي وهو عنه بعيد، وقد رأيت صورته تزين ما يشبه البوستر الذي يزينه عادة نجوم الفن للإعلان عن أنفسهم. أما هو فحاشا وكلا مع أني لا أفهم لماذا لم يكتف بالعبارة التي أرادها وباسمه لحفظ حقه في هذه النصيحة التي تكرم بها من أجل النساء، وأي صورة ؟! فقد وقف مائلاً ولم يكتف بميلان الطاقية والشماغ ومبتسماً ابتسامة تنم عن طيبة وقلب يتقاطر منه الود والحنان على معشر النساء، ولم ينس داله الوهمية التي مازال متمسكاً بها وهو يدعو الرجال لأن يكرموا نساءهم بعيدية مجزية أو عقد من الذهب نظير خدماتهن لهم في رمضان، ثم قال : ولا ننسى الشغالة !! من أين أبدأ الآن بعد أن بدأت فعلاً بطاقية الولا ؟! احترت لكني سأبدأ من تعليق إحدى السيدات على ذلك، حيث قالت : الأم والزوجة لا تنتظران الهدايا، لكن تترقبان التقدير والاهتمام فقط، لأنهما حين يبذلن ما يبذلن إنما يفعلن ذلك من منطلق الحب والاهتمام والشعور القوي بالمسئولية. ستفرحهن كلمات الثناء والشكر حين تأتي في اللحظة المناسبة دون تأجيل أو انتظار حتى يوم العيد. إن حرصهن على تقديم ما لذ وطاب لعائلاتهن في رمضان لدرجة أنهن ينسين آلامهن من الجهد الذي يبذلنه، بل وتنسى الأم والزوجة حتى أنها صائمة مثلهم تماماً ومع هذا لا تفكر في نفسها كما تفكر فيهم. هذه المرأة الأم والزوجة والأخت لا شيء يفرحها بقدر كلمة طيبة تشكر فيها أو يثنى على طيب صنيعها كلمات معدودة تقال في حينها أو لمسة حانية تزيل كل التعب الذي خلفته وقفتها في المطبخ أمام الفرن وبين القدور. تلك الصورة تكرس لفكرة مادية يجزم كثير من الرجال بأنها حقيقة ثابتة ومؤكدة وهي أن العطاء المادي لهن هو العلاج الثابت نجاحه في كل الحالات. وهذه فكرة خاطئة أو بالأحرى هي تهمة باطلة وليس أدل على ذلك من ان البيوت مازالت قائمة حتى الآن رغم عدم الاهتمام الاجتماعي بهذا الجانب وهو تقديم الهدايا بلا مناسبات، هذا ان تمسكوا بالهدايا حين يستلزم الأمر ذلك! أستغرب فعلا من سيطرة بعض الأفكار الجماعية عن النساء التي يستسلم لها معظم الرجال ولا يؤمنون بالخصوصية والتميز إلا فيما يخصهم فيأتي ويسألك عن أحدهم قائلاً: وش هو من لحية؟ أما عنها فماذا سيقول ؟ سيقول : حرمة من جملة هالحريم ! هذا بالضبط ما أستطيع أن أختصر به التفكير الشائع لدى كثير من الرجال بغض النظر عن تعليمهم وثقافاتهم وشهاداتهم العلمية. وهذا بالضبط ما يجعل كثيرا منهم يعتمد أسلوب الهدايا كوسيلة من وسائل الترضية التي لا ينافسها أي شيء آخر لاسترضاء النساء واستمالة قلوبهن لدرجة تصل إلى الاستغلال عن طريق الهدايا والاسكات عن طريق الهدايا. إن الأمر ليس عاماً بالتأكيد، فهناك من هي كذلك فعلاً لدرجة أنها قد تهان وتذل ثم ترضى بهدية، وهناك من تأتيها الهدايا تباعاً، لكنها لا تفرحها فيما بينها وبين نفسها كما تفرحها كلمة طيبة تسمعها وهي موقنة أنها تقال لها بصدق، لا كما يقولها من عوج الطاقية، وهو مستعد أن يزوج الرجل الذي أهدى زوجته العقد الذهبي في ثاني أيام العيد!.