محمد العريان

لا تنخدعوا بواجهة الاحتياطي الفدرالي

من القواعد غير المكتوبة في أعمال البنوك المركزية الحديثة هي أنه ما لم تكن هناك أحداث قوية على الأرض، يجب على مسؤولي البنوك المركزية الامتناع عن اتخاذ قرارات كبيرة في مجال السياسة النقدية أثناء الصيف. فحيث ان كثيراً من المتداولين هم في إجازة صيفية، فإن أية قرارات مفاجئة تخاطر بإحداث الاضطراب والتأثير على استقرار الأسواق. لذلك عليك أن تتوقع أن يلتزم الاحتياطي الفدرالي الأمريكي في اجتماعه بهذه القاعدة، وأن يلتزم بها أيضاً البنك المركزي الأوروبي حين يعقد اجتماعه المقرر في أوائل آب (أغسطس). ستحافظ جانيت ييلين، رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي، وزملاؤها في اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، على منهجهم الذي يذاع بعناية والذي يتسم بالطابع التدريجي من حيث تقليص مشتريات البنك من الأصول، وهو ما يعرف بالتسهيل الكمي، بمعدل شهري مقداره 10 مليارات دولار. وبذلك فإن البنك المركزي الأمريكي يعطي إشارة بأنه لا توجد عجلة من حيث رفع أسعار الفائدة، ويذكرنا بأهمية النظر إلى ما وراء معدل البطالة، من أجل أن نفهم ما يحدث في سوق العمل. مع ذلك، وراء المظهر الذي يدل على الثبات في النهج، سيتعامل مسؤولو الاحتياطي الفدرالي مع 5 قضايا معقدة ومتداخلة، ويحتاج حلها إلى مرور عدة أشهر. وهذه القضايا هي على النحو التالي: 1. إلى أي مدى سيعمل منهج السياسة النقدية لدى البنك المركزي على زيادة مخاطر عدم الاستقرار المالي في المرحلة المقبلة؟ هذا السؤال يشغل عقول عدد متزايد من الرؤساء الإقليميين لفروع الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة. 2. ما مدى الضرر الذي أوقعه الركود على إمكانية النمو الاقتصادي والقدرة الإنتاجية للاقتصاد، على نحو يقيد فعالية سياسات الاحتياطي الفدرالي؟3. ما مدى السرعة التي يمكن أن يتحول بها الهبوط (الذي كان أسرع من المتوقع) في معدل البطالة لهذا العام ويُترجَم إلى مكاسب في الأجور، وهل ستعمل هذه المكاسب على إيذاء هدف التضخم الذي يسعى البنك لتحقيقه عند نسبة 2 في المائة؟4. كيف ينبغي على صناع السياسة الاستجابة لسلسلة تبدو غير متناهية من الصدمات في الجغرافيا السياسية، والتي يصبح بصورة متزايدة من الصعب تجاهل أثرها التراكمي؟5. حين يحمل الاحتياطي الفدرالي معظم عبء التحفيز الاقتصادي، فهل يخاطر البنك بتقويض الاستقلال الذاتي الذي يتمتع به في المجال السياسي والتشغيلي، والذي يعتبر أساساً لا بد منه من أجل فعاليته؟من الناحية العامة، الاحتياطي الفدرالي ليس في عجلة من أمره ليعطي رأيه الحاسم حول أية قضية من هذه القضايا، وذلك لأسباب مفهومة. الأساس التحليلي لا يزال قيد التطوير، كما أن ردود فعل السوق والاستجابات الاقتصادية يحوطها قدر كبير من اللبس، والتوقيت ليس مناسباً. مع ذلك ينبغي ألا يقع المستثمرون في وهم الهدوء والتهاون نتيجة للهدوء الظاهري على وجه الاحتياطي الفدرالي. نحن نقترب الآن أكثر من قبل من النقطة التي سيتعين فيها على الاحتياطي الفدرالي اتخاذ بعض القرارات الصعبة، وسيواجه تحديات أكبر في المحافظة على الأسواق المنتعشة والهادئة التي تعودنا على وجودها.