محمد يحيى الشهراني

سلوكيات مُقزّزة في حياتنا اليومية

ذهبت مساء أول أمس بعد صلاة العشاء برفقة إحدى بناتي إلى مخبز يصنع الخبز العربي بالدمام وإذا بطابور طويل من الراغبين في شراء الخبز الطازج، أخذت مكاني في الطابور وإذا بأحد الشباب السعوديين يقوم بإشعال سيجارته وسط الطابور فأخذته جانباً بعيداً عن الحاضرين وناصحته بأن هذا المكان ليس خاصا له ليؤذي الناس برائحة السيجارة وعليه إن أراد الاستمرار في التدخين أن يذهب إلى سيارته أو يؤجل ذلك إلى وقت آخر، فاستشاط غضباً ورفع صوته عالياُ وقال باللهجة العامية: ويش دخلك؟ شارع أبوك؟ التزمت الصمت أمام ابنتي وأمام الحضور ودعوت له بالهداية والصلاح، في حياتنا اليومية نلاحظ أن هناك سلوكيات خاطئة نجدها في الأماكن العامة، في الشارع، أثناء القيادة، حتى عند الكاشير في أي مول تجاري مزدحم، أو بقالة تموين وحتى في المطارات والقطارات وفي أماكن متعددة، السؤال: لماذا تبرز هذه التصرفات لدينا بشكل واضح حتى من قبل العمالة الوافدة الذين تجدهم يتجاوزون السلوكيات دون اكتراث ولا أعمم.عندما نسافر نجد أنفسنا نقف في الصف دون تجاوز، نقف عند إشارة المرور في المكان المخصص للوقوف، لا نفتح الباب ونرمي (أعقاب السجائر أو المناديل) على الأرض، أو في الطرقات وغيرها من السلوكيات التي تجعلنا نعيش بصورتين مختلفتين. من هنا أقول من الواجب أن تبرز التصرفات والسلوكيات الحسنة هنا في مدننا، ويكون ما نراه في الخارج هو انعكاس حقيقي لهذه التصرفات أما ما يُشاهد ويحدث أحياناً في شوارعنا وأسواقنا فهو غريب جداً، وأعتقد أن للمنزل والمدرسة الدور الكبير في تعزيز السلوك الحسن والتصرف بوعي تجاه الآخرين أو تجاه الأماكن العامة والتي هي ملك للجميع والحفاظ عليها مطلب تربوي وأخلاقي يجب تعميقه لدى النشء ليصبح ضمن أبجديات الحياة اليومية، أما تركه أو الحديث عنه دون ممارسة فلن يجدي، لأننا نحتاج للقدوة التي تطبق، الأب والأم أمام أبنائهما، الأخ الكبير أمام إخوانه، المعلم أمام طلابه، وهكذا حتى تتراكم وتتعزز تلك القيم في عقولهم، ونجدهم يحترمون كل نظام مع مرور الوقت، البعض قد يتجاوز الإشارة الحمراء ومعه أبناؤه، غير أن هذا قد تكون عواقبه وخطورته وخيمة عليه وعلى غيره إلا انه يعزز التحايل على النظام في ذهن أبنائه، هذا هو القدوة فماذا نتوقع من أبنائه الذين يغذيهم بمثل تلك السلوكيات، وآخر يتحدث عن خطورة ومشاكل التدخين وهو يدخن أمامه لذا يجب توضيح الخطأ ومحاولة إصلاحه بسلوك تربوي حضاري. عندما يصطدم بك أحد وأنت خارج من المكتبة أو الجامعة أو المدرسة ثم تسقط كتبك وتأخذها وتمشي وكل منكما يتأسف للآخر على عكس ما قد يحدث من بعض الشبــاب بل وحتى كبــار السن فقد ينهيها بركبة وإلا كوع ويقـول له شيل الكتب ويزيد عليـها فتح عيونك يالوح.رسالتي هي دعوة إلى التحلي بالسلوكيات الإيجابية التي يدعو إليها الإسلام وتدعو إليها الإنسانية كاحترام إشارات المرور، والوقوف في الطوابير في أي مكان، والصعود من أبواب الصعود والنزول من أبواب النزول في وسائل المواصلات، وإنجاز الأعمال من كل مسئول سواء كان موظفا صغيرا أو كبيرا بكل إخلاص، واحترام الرأي الآخر، وتقبل الاختلاف والنقاش البناء، واحترام الضعيف مهما كان جنسه أو سنه، واحترام الحيوان، من الآخر هي دعوة للرقي الأخلاقي والسلوكي في كل مناحي حياتنا اليومية وتعزيز ذلك عند النشء في حضور القدوة الصالحة.