ديراج نايار

مأزق الفحم الهندي

عانى القطاع الصناعي الهندي المعتل قبل بضعة أيام من صدمة حقيقية، عندما أصدرت محكمة البلاد العليا قراراً بعدم قانونية حصص المئات من مناجم الفحم الموزعة على الشركات الخاصة خلال الفترة من عام 1993 حتى عام 2010. وإذا قرر القضاة إنهاء هذه الرخص اعتباراً من يوم 1 سبتمبر، حيث من المقرر إصدار قرار لاحق حول هذا الموضوع، فربما يؤدي ذلك إلى توجيه ضربة قاتلة إلى الثقة بقطاعات مثل قطاعي الفولاذ والطاقة، والشيء الذي لن يتمكنوا من إصلاحه هو الفوضى التي ستتبع ذلك في الهند.لم يكن قرار المحكمة هذا مفاجئاً، فالعملية التي تقوم بها الحكومة بتوزيع حصص صغيرة لما يسمى بالفحم الذي تستخدمه نفس الشركة المنتجة له أو الشركات التي يمكن أن تنتجه لأغراض الطاقة الخاصة بمرافقها، ولكن ليس بيعه في السوق المفتوحة كانت كلياً تقديرية واعتباطية. كان البيروقراطيون ينتقون الفائزين بهذه الحصص واحداً بواحد، وليس من خلال عملية قائمة على المزاد المفتوح. وكان من النادر أن يعلن المسؤولون عن تقديم الطلبات للحصول على هذه التراخيص، ولم تكن لديهم أية معايير واضحة أو شفافة أثناء اختيارهم لهؤلاء الفائزين، وحتى لو لم يكن وجود دافع لأموال الرشوة، فلا توجد طريقة لإثبات أن الصفقات كانت خالية من التحايل. كما لا يقوم مجلس المراقبة بتسجيل وقائع اجتماعاته. كما سببت المخاوف -من أن تقوم المحكمة الآن بإلغاء 218 رخصة معروضة عليها بصورة كاملة- في توجيه ضربة لأسعار أسهم الشركات المتأثرة بالحكم. وكان برنامج مماثل مصاب بالخلل دفع بالمحكمة لإلغاء رخصة اتصالات بلغ عددها 122 رخصة في عام 2012 هو السبب في وقوع هذا القطاع في أزمة، ومنذ ذلك الحين بقي هذا القطاع متعطشاً إلى الاستثمار. يمكن أن تسبب الإلغاءات الشاملة هذه بشلل في قطاع توليد الكهرباء في الهند، حيث إن ثلثي هذا القطاع يدار بواسطة الفحم. وحتى في أوقات الذروة في توليد الطاقة يوجد نقص في تلبية الطلب على موارد الكهرباء في الهند بنسبة 10 في المائة، وسوف يعني المزيد من الحرمان من الفحم انقطاعاً في الكهرباء لفترات أطول عن المستهلكين والصناعة، وخسارة مدمرة في فاعلية الاقتصاد. وسوف يثير هذا أسئلة حول قدرة بعض من أكبر الشركات الهندية على البقاء ويحدث ضغوطاً هائلة على البنوك الهندية التي لديها تعاملات مقدرة في قطاع الطاقة وحده بقيمة 16.5 مليار دولار. وبنفس الأهمية يمكن القول إن ذلك سوف يزيد من أجواء الاستثمار سوءاً في الهند، التي بدأت للتو بالتحسن بعد انتخاب رئيس الوزراء ذي العقلية الإصلاحية، ناريندرا مودي في شهر مايو الماضي. ولذلك فإن أي أمل برفع معدل النمو الاقتصادي من أقل من 5 في المائة إلى 6 في المائة وأعلى من ذلك سوف يتأخر لمدة سنة على الأقل، إن لم يكن أطول من ذلك. كان من الأفضل أن يفرض القضاة عقوبات مالية صارمة على الشركات المشاركة بذلك. ربما تشعر هذه الشركات أنها مستهدفة بصورة غير عادلة، ولكن وفي النهاية، كانت الحكومة هي من قرر في المقام الأول كيفية توزيع الرخص. ومع ذلك لن يعاني الاقتصاد ككل بنفس المقدار من ذلك. لكن ليس هناك أية محكمة يمكن أن تعالج المشكلة الأكبر، وهي قانون تأميم الفحم في الهند لعام 1972. بموجب ذلك القانون، الذي لا يمكن تعديله أو إلغاؤه إلا بقرار من البرلمان، فإنه يسمح فقط لشركة الفحم الهندية، المملوكة للحكومة، بالتنقيب عن الفحم وتعدينه وبيعه في السوق المفتوحة. وباعتبار الشركة احتكاراً حصرياً، فإنها تحقق أرباحاً ضخمة. وليس لديها حافز يذكر لتعزيز الإنتاج من أجل الوفاء بالطلب. والواقع أنه رغم أن الهند هي بلد مليء بالفحم، إلا أنها تعاني من نقص سنوي بحدود 100 مليون طن. ونظراً لهذا النقص المصطنع، بدأت الحكومة بتخصيص الفحم الذي تستخدمه نفس الشركة المنتجة له، وذلك من أجل الشركات الخاصة في المقام الأول. إذا أرادت الهند العودة إلى النمو الاقتصادي السريع، فهي بحاجة ماسة إلى إمدادات وافرة ورخيصة من الفحم. لهذا الغرض، يحتاج القطاع إلى أن يُرفع عنه التأميم، وأن يُفتح أمام المنافسة من القطاع الخاص، سواء المحلي أو الأجنبي. إن الحصول على عروض تنافسية يكون أمراً معقولاً حين لا يكون هناك لاعب احتكاري حصري في السوق. تستطيع المحكمة العليا في الأسبوع المقبل أن تعاقب البرنامج الحكومي السيئ والذي تم تنفيذه بصورة اعتباطية، لكنها لا تستطيع أن تقوم بخصحصة قطاع الفحم. فهذا قرار من اختصاص حكومة مودي، وهو قرار يجدر بها أن تتخذه عاجلاً وليس آجلاً.