د. فائز بن سعد الشهري

المحكمة والتخطيط العمراني

تابعنا قبل أيام بصحفنا المحلية خبر تقدّم أحد المواطنين للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» مُبلّغًا عن قيام مدير إدارة التخطيط العمراني في أمانة المنطقة الشرقية بطلب مبالغ مالية على سبيل الرشوة لقاء اعتماد مخططات عقارية بما يخالف القواعد والأنظمة المتبعة. وقيام «نزاهة» استنادًا إلى اختصاصاتها برصد وتتبع المتورطين في القضية ومن ثم ضبطهم بالجرم المشهود. وبعد ذلك نشر بصحيفة الحياة بتاريخ 28-8-2014م خبر حوى إصدار المحكمة الإدارية بالمنطقة الشرقية الحكم في القضية، حيث قضت الدائرة الجزائية في المحكمة بمعاقبة «القيادي»، الذي وصفته هيئة مكافحة الفساد، بأنه «مدير إدارة التخطيط العمراني» بالأمانة، فيما وصفته الأمانة بأنه «أحد الموظفين العاملين في إدارة التخطيط»، بالسجن 10 أعوام، تُحسب من تاريخ توقيفه على ذمة القضية، وتغريمه مليون ريال، ومصادرة المبالغ المتعلقة بالرشوة وقدرها 6.3 مليون ريال، وذلك بعدما أدِين بجرائم «الرشوة والتزوير والاستعمال المحرر المزور والإخلال بالواجبات الوظيفية». فيما أدانت شريكه في الجرم وهو مهندس في الأمانة مصري الجنسية، بجرائم «الاشتراك في الإخلال بالواجبات الوظيفية نتيجة رجاء وتوصية، والتزوير والاستعمال المنسوبة إليه». وقررت تعزيره عن ذلك بسجنه عاماً واحداً، يحسب من تاريخ توقيفه على ذمة القضية، وتغريمه 10 آلاف ريال. كما أدانت المتهم الثالث سعودي الجنسية بجريمة «المشاركة في الإخلال بالواجبات الوظيفية المنسوبة إليه» وقررت تعزيزه عن ذلك بسجنه ثلاثة أشهر، تحسب من تاريخ توقيفه على ذمة القضية، وتغريمه مائة ألف ريال. كما برأت المحكمة شقيق المتهم الأول وشريكه من «جريمة الاشتراك في الرشوة» المنسوبة إليهما، «لعدم كفاية الأدلة».وبمتابعة مراحل القضية تتضح الجهود المبذولة من الجهات المختصة في المتابعة والرقابة والرصد والضبط والمحاسبة، ومع تفاصيل القضية وما تحوي من مخالفات ذات علاقة بالتخطيط العمراني تبرز أهمية متابعة مراحل التخطيط العمراني حيث توجد أساليب يمكن استخدامها من قبل ضعاف النفوس بمراحل التخطيط ومن خلالها يحدث الفساد كتغيير استخدامات الأراضي ومساحاتها ومواقعها والارتفاعات للمباني بدون الالتزام بمعايير التخطيط والأنظمة المتبعة في ذلك، وكل ذلك له أثر اقتصادي واجتماعي وبيئي وأمني يبقى بالمكان ويؤثر بسكان المدينة وأحيائها ومراحل نموها المستقبلي على المدى القريب والبعيد.مع الجهود الجبارة المبذولة من الجهات المختصة، تبرز أهمية وقوف المجالس البلدية والأمانات بالتنسيق مع الجامعات ومراكز الدراسات والاستشارات العمرانية على المخططات العمرانية القائمة ومراجعة وتقييم وتقويم أي مشاكل إن وجدت في تفاصيل التصميم والتخطيط ومراحل التنفيذ والإدارة كون أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سيظهر ولا يمكن إخفاؤه وسيكلف الوطن والمواطن الجهد والوقت والمال للعلاج.وأخيراً وليس آخراً التخطيط العمراني بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإدارية والأمنية ومستوياته الوطنية والإقليمية والمحلية من المجالات المهمة التي يجب التثقيف بها كونه يحوي وينظم جميع الأنشطة ومنها الصحية والدينية والتجارية والترفيهية التي يتفاعل معها الإنسان مكانياً «على الأرض»، ويوفر المساحات الكافية لجميع الخدمات التي يحتاجها الإنسان حاضرا ومستقبلا وفق معايير التخطيط، وفوق ذلك كله تحقيق أهداف خطط التنمية الوطنية التي تؤكد على التنمية المتوازنة والمستدامة.