الرياض وباريس.. تعاون لمواجهة التحديات
صدر أمس البيان المشترك بين المملكة وفرنسا في ختام زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.وكان البيان يسجل للتاريخ موقفاً سعودياً فرنسيا مشتركاً إزاء كثير من الأحداث العاصفة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى أنه يشدد على الشراكة الاستراتيجية الضرورية بين البلدين في مجالات عديدة.وتناول البيان ثلاثة موضوعات ساخنة تثير قلق البلدين وأيضاً المجتمع الدولي، في العراق واليمن ولبنان، ويلاحظ أن هذه البلدان تعاني من أسوأ ثلاثة أوضاع تقريباً في المنطقة وبعضها ينخرط في حرب أهلية وبعض يجر عنوة إلى حرب أهلية، بسبب أصابع إيران الشريرة التي تلعب في هذه البلدان وتتحكم بمصير شعوبها. وتدفع هذه البلدان دفعاً وبقوة إلى الارتماء بنيران الفتن وحرائق الحروب الأهلية.وأكثر الأخبار حداثة جاءت من اليمن حيث تجهز جماعة الحوثي الإرهابية التي تتحرك وفقاً لتعليمات طهران، لإشعال حرب أهلية وتتصرف بسلوكيات مماثلة لتلك التي ينتهجها حزب الله في لبنان، ولا غريب لأن الراعي لميلشيات الحوثي وميلشيات حزب الله وعقلهما المفكر واحد هو طهران.وسجلت المملكة وفرنسا أن ميلشيات الحوثيين تنشر الفتنة وتحاول إثارة الاضطرابات في اليمن مجدداً، وتمتنع عن الاستجابة لمبادرة السلام، وبذلك فهي تصادر القرار اليمني وتختطف اليمن لتوظفه في حروب طهران ونيرانها.وسجل البيان السعودي رفض الرياض وباريس للتدخل الخارجي في اليمن، وبلا أدنى شك فإن ذلك رسالة مشتركة إلى طهران التي يجب أن تمتنع عن إثارة الفتن، وإلا سوف ينقلب السحر على الساحر مثلما حدث في سوريا والعراق، فبسبب ممارسات نظام الأسد المحمي من إيران انتفض الشعب السوري وتواصلت ثورته، فاضطرت طهران إلى جلب ميلشيات من كل مكان وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات لحماية نظام الأسد ومنع مشروعها الفتنوي من السقوط. وأيضاً بسبب سوء التدبير والسياسة الطائفية العمياء التي كان يمارسها نوري المالكي بتعليمات من طهران، انتفضت القبائل العربية في العراق وتمهد الطريق لمنظمة داعش التي وجهت هزيمة ساحقة للمشروع الإيراني وميلشيات طهران وشبكاتها في العراق. وأيضاً في لبنان انقسم المجتمع إلى معسكرين بسبب التصرفات الرعناء التي تنتهجها ميلشيات حزب الله، واختطافها لقرار الدولة ودخولها حروباً خارجية دون أن تستأذن الدولة اللبنانية أو تحترم سيادتها.ويبدو أنه كي ينجح التعاون السعودي الفرنسي لإرساء السلام في المنطقة على البلدين، حتى بعيداً عن أية دول أو منظمات أخرى، أن يواجها التدخلات العابثة لإيران في البلدان العربية، وهما معاً قادران على تحجيم تصرفات إيران الصبيانية وإعادة طهران إلى رشدها، وإرغامها على أن تكون عامل استقرار وسلام وتعاون في المنطقة بدلاً عن أن تكون عامل فتنة واضطرابات وفرقة.